” الإسلام ليس بديـن !!! ”
كتبه : عمر الدخيل .
قلت :انه ظهرت – وانتشرت – بنا أفكار غريبة ، وسرت فينا كلمات مغلوطة ، أحسبها – والله العالم – أتت من الاستعمار الأوربي للدول العربية ورددها من تخرج من مدارس المستعمرين و أرضعوها لأبنائهم بطريقة رأسية ولأصدقائهم من الدول الأخرى بطريقة أفقية ، ولعبت العولمة بالإعلام لعبتها في ذلك فكان ما كان ، ومن ذلك قولهم : ( الدين لله والوطن للجميع ) حتى وجدناها معززة بأعمدة الكتــّاب ، ومناداتهم بـ 🙁 فصل الدين عن السياسة ) حتى وجدناها شعار لأحدى مرشحات مجلس الأمة 2006 ! ، وتسميتهم العلماء بـ : ( رجال الدين ) حتى رأيناها بالرائي وقرأناها – كثيرا – بمانشيتات عريضة عندما توضع صور العلماء ويتحدث عن حديثهم ، وغير ذلك من الأفكار والكلمات ، فكان استقبال الناس لها على ثلاثة أصناف قوم صدقوها وجعلوها حقائق مسلمة ، وقوم عرفوا مغزاها فعادوها ، وقوم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فتاهوا وسألوا عنها ، ونحن من هنا نقول : لا يمكن الحكم عليها إلا بعد معرفة كلمة : ( الدين ) ، إن الذين وضعوا هذه القواعد هم من النصارى ونحن أخذناها منهم وطبقناها على الإسلام مع اختلاف كلمة الدين عندنا وعندهم ، الدين عند النصارى كما جاء في أكبر المعاجم كدائرة المعارف البريطانية ومعجم (لاروس ) الكبير هو ما يحدد صلة العبد بربه ، أي إن الدين قاصر على الكنيسة ولا علاقة له بالحياة ونظمها ومعاملاتها ، وذلك ما يقابل عندنا ( باب العبادات ) ، ولكن الإسلام ليس دينا فقط – إذا كان هذا هو مفهوم الدين – ، لأنه لا يقتصر على العبادات ، ويكفي أن تمدوا أيديكم إلى كتاب من كتب الفقه وتنظروا بأبوابه ، لتروا أن فيه باب العبادات وهذا هو الدين بعرف النصارى ، وباب المعاملات وهو ما يسمى بالقانون المدني ، وباب الزواج والطلاق وهو ما يسمى بقانون الأحوال الشخصية ، وباب السير وهو مايعرف بالحقوق الدولية ، وباب ( الإمامة العظمى ) وهو ما يسمى بالحقوق الدستورية ، وباب الحدود وهو ما يسمى بالقانون الجنائي أو الجزائي ، وباب الوصايا والمواريث وباب الآداب ، إذا فالإسلام يشمل جميع نواحي الدنيا والحياة ، فإذا قالوا بأن الدين لله والوطن للجميع ونادوا بفصل الدين عن الدولة و أخذنا بذلك ، كان معناه أن لا ندخل باب العبادات- وهو الدين حسب مفهوم النصارى – في السياسة ، لكن ماذا نصنع إذا كانت السياسة نفسها جزءا من ديننا ، و لا أعني بذلك النزاع على السلطة ونحوه، بل أقصد بذلك المبادئ والخطوط العريضة بالسياسة ، فكيف يمكننا أن نفصل الدين عن السياسة وسورة براءة مثلا وهي من القرآن الكريم من صميم السياسة الدولية فهل نفصل سورة براءة من القرآن ونقرر محوها من المصاحف ؟! ،وإذا سموا قساوستهم رجال دين فلأنهم لا عمل لهم إلا إقامة الصلاة وما يسمونه بالقداس ، فان العلماء المسلمين هم رجال دين ودنيا ويرشدون الناس في سائر أمور حياتهم وليس بالعبادة فقط ، يا أخوان إن الدين والدنيا في الإسلام أخوان لا ينفصلان ، والإسلام ليس كسائر الأديان فهو يحوي بمطوقه الحلول لكل المشكلات البشرية ، وفيه نظام اقتصادي كامل هو الحق بين الباطلين الرأسمالية المغرقة بالأثرة والشيوعية ، ومنهجية الإسلام صالحة لكل زمان ومكان ، ولكن قد تكون هنالك أمور مستجدة لم يصدر الإسلام لها تشريعا ، وحلها موجود ولكنه يحتاج إلى بحث وتنقيب عنه لاستخراجه ، فعلماءنا الأولين استنبطوا من الكتاب والسنة الحلول الكاملة لمشكلات زمانهم ، فعلينا أن نستنبط نحن أيضا الحلول لمشكلات زماننا ، و لا يجوز لنا أخذ القوانين و القواعد الأجنبية- كمصدر للتشريع – بتاتا لأنها لم تستمد من الإسلام ولم توضع لبلاد المسلمين فمثلها كمثل الثياب الجاهزة ذات القياس الواحد تماما ، والإسلام ثوب فصله الله لنا على مقياس أجسادنا ولكننا أبينا ارتداءه ، … و ملاك حديثي هو تبيان أن الإسلام ليس بدين يقتصر على العبادات ، وتوصيتي منصبة على أن نكون منادين للإسلام ومنهاجه وقيمه وجميع تشريعاته ونسأل علماءنا في جميع شؤون حياتنا ونجتهد ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ونخرّج فقهاء يستنبطوا لنا أحكام تناسب أوضاعنا المستجدة ، ونرشح من يمثل ويحافظ على ديننا وقيمنا بمجلس الأمة ، ونعد قادة – الذين هم أعلى مكانة وأكبر تأثيرا من الحكومة – يوجهوا الرأي العام ، ولا نكون ضد الإسلام ومعتقداته مع المعاديين له وهذا لوحده من النفاق الذي حذر منه الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، فمن لم يشأ أوادعى بعدم الاستطاعة فلينكر وذلك أضعف الإيمان..!