سلاماً أبا بندر.

سلاماً … يا أبا بندَرْ ..
كعرف الشيح .. والقيصوم .. و العررْ …
كعطر الليل في نجدٍ …
كما يتنفّسُ العنبرْ …
مضى يومٌ … مضى يومانِ أو أكثرْ …
ولم تظهرْ…
أتعرف أننا اشتقنا ؟ ! …
سألنا عنك في الديوان …
في البر وفي (المعذرْ)…
فقالوا : لم يجئنا اليوم …
قالوا : أنه أبحرْ …
أتعرف أننا اشتقنا ؟! …
أتعرف …
أن غيث الحزن في الأجفان قد أمطر ؟ …
فانبت في حنايا الروح …
ما أضنى و ما أسهر ؟ …
وأينك … يا أبَا بندرْ ؟ …
وهزّ ضلوعي المنظرْ …
رأيتك في جَلالِ الموت لا أنقى …
ولا أطهرْ …
وحيداً في رحاب الله لا عرشٌ … ولا عسكرْ …
يلفّك (بشتك) الأصَفرْ …
فسبحان الذي أحيا … وسبحان الذي أقبرْ…
وسبحان الذي يَجمع … كلّ الناسِ في المحشرْ …
ومَاذا يكتب الشعراءْ ؟ … وفي كل الوجوه بكاء …
وفي كل القلوب بكاء …
أبا الفقراء والضعفاء و البسطاءْ …
كأن الحُزنَ شاعرنا … ونحن قصائدٌ عصماء …
أتعرف أننا اشتقنا ؟! …
 جلسنا اليوم في الديوانْ … يعزي بعضنا بعضاً …
ويسأل بعضنا بعضاً :
أحقاً كان … ما قد كانْ ؟ ! …
أحقاً لن يجيءَ اليومَ كالعادةِ يا أخوان ؟ …
ولن يجلس كالعادة …
للمظلوم والمقهور والأسيانْ ؟ …
أحقاً لن يصلّي الظهر كالعادة بالديوانْ ؟ …
أحقاً أنه ألقى العصا …
وأرتاح من عبءِ المسير …
وأغمضَ الأجفانْ ؟ …
وكفْ الخافقُ الواني من الخفقانْ ؟! …
صمتنا كلّنا ألماً … ولم تنطقْ سوى الأشجان …
وهَا قد جاء رمضانْ …
فأين الموعد اليومي و الجلسة والإفطار …
وأين الدّوحة الخضراءُ والأعشاب … والأطيار …
وأنت ببسمة البِشرِ التي لا تعرف ألا كدار …
تداعبنا … تقصُّ روائعَ الأسمارْ …
وتسأل ذا متى عاد من الأسفار ؟ …
وتسأل ذاك عمّا جَاء في الأخبار …
و تسألني : (أما تبتَ عن الأشعار ؟).
*
مررت اليوم قرب الدارْ …
تفرّق مجمع السمّارْ …
فلا أسمع إلا الصمت … يسترسلُ في الأوكارْ …
ولا ابصرُ غير الجدب … يسترسلُ في الأزهار …
فأبحث عنك في التذكار …
سلاماً … أبَا بندرْ ! ..
كبيرٌ بعدك الحزن …
 ورحمة ربّنا أكبرْ.
-=-
غازي عبد الرحمن القصيبي
1402-1982

1 رد على “سلاماً أبا بندر.”

لكتابة رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *