رثاء الأندلس.

لـكــل شــيءٍ إذا مـــا تـــم نـقــــصــانُ……………………….
……………………….
فــلا يُـغـترُّ بـطـيـب الـعـيـش إنـســــانُ
هـي الأمـورُ كــمـا شــــاهــدتــهـا دُولٌ……………………….
……………………….مَــن سَـــرَّهُ زَمــنٌ ســـاءَتــهُ أزمــــــانُ
و هـــذه الـــدار لا تُـبـقـي عـلـى أحـــدٍ……………………….
……………………….و لا يــدوم عــلــى حــالٍ لــهــا شـــان
يُــمــزق الــدهــر حـتماً كـل ســـابـغـةٍ……………………….
……………………….إذا نـبـت مـشْـــرفــيّـــاتٌ و خُــرصــــانُ
و يـنـتـضـي كـلّ ســيـف لـلـفـنـاء و لــوْ……………………….
……………………….كـان ابـنَ ذي يـزَن و الـغــمــدَ غُــمـدان
أيـن الـمـلـوك ذَوو الـتـيـجـان مـن يـمـنٍ……………………….
……………………….و أيـن مـنـهـم أكـالـــيـــلٌ و تـيـــجـانُ ؟
و أيـن مــا شـــاده شـــــــدَّادُ فــي إرمٍ……………………….
……………………….و أين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
و أيـن مــا حــــازه قــــارون مـن ذهــب……………………….
……………………….و أيـن عـــادٌ و شــــدادٌ و قــحـــطــانُ ؟
أتـى عـلـى الـكُـل أمـــــرٌ لا مَـــرد لـــه……………………….
……………………….حـتـى قَـضَـــوا فـكـأن الـقـوم مـا كـانـوا
و صـار مـا كـان مـن مُـلـك و مـن مَـلـِك……………………….
……………………….كما حكى عن خــيـال الطّيفِ و سْـنـانُ
دارَ الـزّمـــــانُ عـلـى (دارا) و قــــاتِـلــِه……………………….
……………………….و أمَّ كـــــــســــرى فــمـــا آواه إيــــوانُ
كـأنـمـا الصـَّعب لم يـسْـهُل لـه سـبـبُ……………………….
……………………….يـومــاً و لا مَـلـكَ الـدُنـيــا سُـــــلـيـمـانُ
فــجــائــعُ الـدهــر أنـــــواعٌ مُــــنــوَّعــة……………………….
……………………….و لـلـزمـــان مـســــــرّاتٌ و أحـــــــــزانُ
و لـلـحــوادث سُــــلــوان يـســـهــلــهـا……………………….
……………………….و مــا لــمــا حــلّ بـالإســلام سُـــلـوانُ
دهــى الــجــزيــرة أمـــرٌ لا عـــــزاءَ لــه……………………….
……………………….هـــوى لـــه أُحــــدٌ و انـــهــدْ ثــهـــلانُ
أصـابها الـعـيـنُ فـي الإسـلام فـارتـزأتْ……………………….
……………………….حـتـى خَـلـت مـنـه أقـــــطــارٌ و بُـلـدانُ
فـاسـأل (بلنسيةً) مــا شـأنُ (مُرسيةً)……………………….
……………………….و أيـنَ (شــــــــاطـبةٌ) أمْ أيـنَ (جَـيّــَانُ)
و أيــن (قُــرطــبــةٌ) دارُ الـــعـلـوم فـكـم……………………….
……………………….مـن عـالـمٍ قـد سـمـا فـيـهـا لـه شــانُ
و أيـن (حْـمـصٌ) و مـا تـحـويـه مـن نـزهٍ……………………….
……………………….و نـهـرهُـا الـعَـذبُ فــــــيـاضٌ و مــــلآنُ
قــواعــدٌ كــنَّ أركـــانَ الــبـــــــلاد فـمـا……………………….
……………………….عــســى الـبـــقـاءُ إذا لـم تـبـقَ أركــانُ
تـبـكـي الحنيفيةَ الـبـيـضـاءُ مـن أســفٍ……………………….
……………………….كـمـا بـكـى لـفـراق الإلـفِ هــــيــمــانُ
عـلـى ديــار مـن الإســـــلام خــالــيــة……………………….
……………………….قـد أقـفـرت و لــهـا بـالـكـفـر عُـــــمـرانُ
حيث الـمـساجد قد صـارت كـنائسَ مـا……………………….
……………………….فـيـهـنَّ إلا نـواقـــــيـسٌ و صُـــــلــبـــانُ
حـتى المحاريبُ تبكي و هـي جــامـدةٌ……………………….
……………………….حـتى الـمـنـابـرُ تـرثي و هـي عـــيـدانُ
يـا غــافــلاً و لـه فـي الـدهـرِ مـوعـظـةٌ……………………….
……………………….إن كـنـت فـي سـِنـَةٍ فـالـدهرُ يـقـظـانُ
و مـاشــــيـاً مـرحًا يـلـهـيـه مـوطــــنــهُ……………………….
……………………….أبـعـد حـمـصٍ تَـغـرُّ الـمـرءَ أوطـــــــانُ ؟
تـلـك الـمـصـيـبـةُ أنـستْ مـا تـقـدمـهـا……………………….
……………………….و مـا لـهـا مـع طـولَ الـدهـرِ نـســــيـانُ
يـا راكـبـيـن عـــتـاق الـخـــيـلِ ضــامـرةً……………………….
……………………….كـأنـهـا فـي مـجـال الـســبـقِ عـقـبـانُ
و حـامـلـيـن ســيُـوفَ الـهـنـدِ مـرهـفـةُ……………………….
……………………….كـأنـهـا فـي ظــــــــلام الـنـقـع نــيــرانُ
و راتـعـيـن وراء الـبـــــــحــر فـي دعـــةٍ……………………….
……………………….لـهـم بـأوطـــانـهــم عــزٌّ و ســـــلـطـانُ
أعــــــــنـدكـم نـبـأ مـن أهــل أنـدلــسٍ……………………….
……………………….فـقـد سـرى بـحـديـثِ الـقـومِ رُكـبـانُ ؟
كم يسـتغيث بـنا المسـتضعفون و هـم……………………….
……………………….قـتـلى و أسرى فـمـا يـهـتـز إنـسـان ؟
مـاذا الـتـقـاُطـع في الإســلام بـيـنـكـمُ……………………….
……………………….و أنـتـمْ يـا عـــــــبــادَ الله إخــــــــوانُ ؟
ألا نـــفـــــوسٌ أبَّــاتٌ لـــــهــــا هــمــمٌ……………………….
……………………….أمــا عـلـى الـخـيـرِ أنـصــــارٌ و أعــــوانُ
يـا مـن لــذلـةِ قــــــــومٍ بــعــدَ عــزِّهـمُ……………………….
……………………….أحـــال حــــالـهــمْ جـــورُ و طُــــغــيــانُ
بـالأمـس كـانـوا مـلـوكاً فـي مـنـازلـهـم……………………….
……………………….و الـيـومَ هـم فـي بـلاد الـكـفـرِّ عُـبـدانُ
فـلـو تـراهـم حـــيـارى لا دلـيــل لـهــمْ……………………….
……………………….عـلـيـهـمُ مـن ثـــــــيـابِ الــذلِ ألــــوانُ
و لــو رأيـتَ بـكــاهُــم عــــنـدَ بـيـعـهـمُ……………………….
……………………….لـهـالـكَ الأمـرُ و اســـتـهـوتـكَ أحـــــزانُ
يـا ربَّ أمّ و طـــفــــلٍ حـــيـلَ بـيـنـهـمـا……………………….
……………………….كــمـــا تـــــــفـــــرقَ أرواحٌ و أبــــــــدانُ
و طفلةً مثل حـسنِ الشمسِ إذ طلعت……………………….
……………………….كــأنــمــا يـــــاقــــــــوتٌ و مـــرجــــــانُ
يـقـــودُهـا الـعـلـجُ لـلـمـكـروه مـكـرهـةً……………………….
……………………….و الـعـيـنُ بـاكــيـةُ و الـقـلـبُ حـــــيـرانُ
لـمـثـل هـذا يـذوبُ الـقـلـبُ مـن كــمـدٍ……………………….
……………………….إن كان في الـقـلـبِ إســـلامٌ و إيــمـانُ
-=-
الشاعر :
صالح بن شريف الرندي .
المشهور بأبي البقاء الرندي
نسبة إلى رند وهو
حصن بالأندلس حيث عاش الرندي طفولته وشبابه
توفي سنة 798 هجرية.

لكتابة رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *