قراءات في معجم الفؤاد (خيط في صدري).

ذات ليلة مقمرة .. وهواء الليل المشبع بالندى يسرى ناشرا فى طياته شراع النسيم مرتديا حلة الهدوء والطمأنينة .. فتتجدد الأنفاس وتحيا القلوب وتهدأ وتثور فى آن الأشجان ، وينظر القمر بألفة إلى الأرض … فنفرح وتفرح الأرض فى تلك الليلة السعيدة ، وفى قلبى أنقب عن مشاعر تشعل قلبى الخامد … فجأه أمسكت بخيط فى قلبى فسرت مع خداع الذكرى منتشيا فتجاذبتنى الأوهام وأنا بينها حائرا مرتاعا إلى أين تأخذنى ، لكننى أسلمت قيادى لهذا الخيط عله ينقذنى من حيرتى … تلمست طرف الخيط فى قلبى والطرف الآخر يمتد إلى عقلى ملتفا حول عنقى ، يملأ حواسى ، ويمسك أفكارى إنه خيط ملون بألوان مبهجة تشبه ألوان قوس قزح فى يوم شاتى رائع ، أنه خيط صلب يمسك على فكرى وقلبى وحواسى كلها ، كأنما تمسكه قوة هائلة تعتصر الفؤاد المتعب ، خيط لشيئ لا يوصف كالسعادة تلاحقها المعانى ، تدمينى الخيوط لكنها رغم ذلك تمنحنى المعانى الرائعة لسر الحياة ، أذن هناك شيئ بصدرى … ضوء … حب … أنين … حياة … لا أدرى بالضبط … كل ما أعلمه أن هذا الخيط لا ينقطع …. شيئ يقتات أملى ويملأنى بالثقة .. شيئ ينشر السر الذى لا أعرفه ينثر الأزهار والعطور النضرة فى حدائق وجدانى ، شيئ يلهث ضائع الأنفاس وراء الماضى البعيد والقريب ، شيئ يفتش عن الذكرى .. يعانقها .. يبكى على قبرها ، يكاد يبعثرنى فى بحثه الدائب ، شيئ يفتش عن المعنى الذى يحيي الروح ، عن المودة التى تحيل الأرض ذرة فى القلب ، عن قلب يملأ الكون ، عن عقل يضئ بنور الحكمة ، عن شجون تذيب الإنسان اشتياقا ، عن حنين هو كل السعادة ، يبحث ويظل يبحث ، ويجذبنى فى بحثه الدائب نحو هذه الأفاق الرحبة الكريمة ، شيئ يحيا فى ثنايا روحى ، ينام مستكينا فى طوايا أفكارى ، لحن هو فى الأعماق ، نشيد يشجى الحياة ، ذاك الشيئ … ذاك اللحن … يهز كيانى .. يزلزل وجدانى … ينعقد عنه لسانى ، شيئ يقتات قلبى .. وتسكره دموعى .. شيئ يجذبنى إلى رحاب الحائرين … خيط يلتف حول أنحائى ، كالطفل .. برئ .. رقيق … يصب طفولته فى صدرى كالماء العذب الزلال ، إلى متى هذه الحيرة ؟! ، ما ذاك الشيئ ؟! ما هذا الخيط ؟!
إنه الحب فى صدرى .


                                                            خالد أبو سلمى

لكتابة رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *