صاخبٌ أنا أيها الرجلُ الحريري
أسير بلا نجومٍ ولا زوارق
وحيد وذو عينين بليدتين
ولكنني حزين لأن قصائدي غدت متشابهة
وذات لحن جريح لا يتبدَّل
أريد أن أرفرفَ ، أن أتسامى
كأميرٍ أشقر الحاجبين
يطأ الحقول والبشريه .
*
وطني .. أيها الجرسُ المعلَّقُ في فمي
أيها البدويُّ المُشْعثُ الشعر
هذا الفمُ الذي يصنع الشعر واللذه
يجب أن يأكلَ يا وطني
هذه الأصابعُ النحيلة البيضاء
يجب أن ترتعش
أن تنسج حبالاً من الخبز والمطر .
*
لا نجومَ أمامي
الكلمةُ الحمراء الشريدة هي مخدعي وحقولي .
كنتُ أودُّ أن أكتب شيئاً
عن الاستعمارِ والتسكع
عن بلادي التي تسير كالريح نحو الوراء
ومن عيونها الزرق
تتساقط الذكرياتُ والثيابُ المهلهه
ولكنني لا أستطيع
قلبي باردٌ كنسمةٍ شماليه أمام المقهى
إن شبحَ تولستوي القميء ،
ينتصبُ أمامي كأنشوطةٍ مدلاة
ذلك العجوز المطوي كورقةِ النقد
في أعماق الروسيا .
لا أستطيع الكتابةَ ، ودمشقُ الشهيه
تضطجعُ في دفتري كفخذين عاريين .
*
يا صحراءَ الأغنية التي تجمع لهيب المدن
ونواحَ البواخر
لقد أقبلَ والليلُ طويلاً كسفينة من الحبر
وأنا أرتطمُ في قاع المدينه
كأنني من وطنٍ آخر
وفي غرفتي الممتلئة بصور الممثلين وأعقابِ السجائر
أحلمُ بالبطولة ، والدم ، وهتاف الجماهير
وأبكي بحرارة كما لم تبكِ امرأة من قبل
فاهبطْ يا قلبي
على سطح سفينةٍ تتأهب للرحيل
إن يدي تتلمس قبضة الخنجر
وعيناي تحلقان كطائرٍ جميلٍ فوق البحر .
—*—
محمد الماغوط
1934-2006