هكذا علمتني الحياة
مصطفى السباعي
الفصل الثاني :
- إن للشيطان دواب يمتطيها ليصل بها إلى ما يريد من فتنة الناس و إغوائهم ، منها : علماء السوء ، ومنها : جهَلَة المتصوفة و زنادقتهم ، و منها : المرتزقون بالفكر و الجمال، و منها : الآكلون باللحى و لعمائم ( أي : يخدعون بها الناس و ليس لهم صلة بالعلم والدين )، و أضعف هذه الدواب و أقصرها مدى مجرمو الفقر والجهالة و التشرد .
- إن للحق جنوداً يخدمونه، منهم الباطل .
- إذا اجتمع لمريض الهموم و الأعباء : فركن إلى الله ، و تذكر سيرة رسول الله، و جو مرح، و نغم جميل ، و سمَّار ذوو أذواق و فكاهة ، فقد قطع الشوط الأكبر نحو الشفاء .
- الفَنُّ قيثارة الشيطان ، و المرأة حبالته ، و علماء السوء دراهمه و دنانيره .
- لذة العابدين في المناجاة ، و لذة العلماء في التفكير ، و لذة الأسخياء في الإحسان، و لذة المصلحين في الهداية ، و لذة الأشقياء في المشاكسة ، و لذة اللئام في الأذى ، و لذة الضالين في الإغواء والإفساد .
- العاقل يرى الله في كل شيء : في دقة التنظيم ، وروعة الجمال ، و إبداع الخلق ، و عقوبة الظالمين .
- القضاء و القدر سرّ التوحيد ، و مظهر العلم ، و صمام الأمان في نظام الكون .
- دلّك بجهلك على علمه ، و بضعفك على قدرته، و ببخلك على جوده ، و بحاجتك على استغنائه ، و بحدوثك على قدمه ، و بوجودك على و جوده ، فكيف تطلب بعد ذاتك دليلاً عليه؟ .
- كيف يعصيه عبد شاهد قدرته ؟ و أين يفر منه عبد يجده قبله وبعده ؟ و متى ينساه عبد تتوالى نعمه عليه؟.
- لو أعطانا القدرة على أن نرى الناس بما تدل عليه أعمالهم لرأى بعضنا بعضاً ذئاباً أو كلاباً أو حميراً أو خنازير، و لكن ستر الله أوسع.
- الاستقامة طريق أولها الكرامة ، و أوسطها السلامة ، و آخرها الجنة.
- هذه الدنيا أولها بكاء ، و أوسطها شقاء ، و آخرها فناء ، ثم إما نعيم أبداً ، و إما عذاب سرمداً.
- المرأة العاقلة ملك ذو جناحين تطير بزوجها على أحدهما ، و المرأة الحمقاء شيطان ذو قرنين تنطح زوجها بأحدهما.
- العاقل يشعل النار ليستدفئ بها ، و الأحمق يشعلها ليتحترق بها.
- سأل الخير ربه : أين أجد مكاني ؟ فقال : في قلوب المنكسرين إليَّ ، المتعرِّفين عليَّ .
- إذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود رأيت الجمال شائعاً في كل ذراته، حتى القبح تجد فيه جمالاً.
- لا يكن همّك أن تكون غنيَّا ، بل أن لا تكون فقيراً ، و بين الفقر و الغنى منزلة القانعين .
- طر إلى الله بجناحين من حب له ، و ثقة به.
- الصندوق الممتلئ بالجواهر لا يتسع للحصى ، و القلب الممتلئ بالحكمة لا يتسع للصغائر.
- قد تخدم الحظوظ الأشقياء و لكنها لا تجعلهم سعداء ، و قد تواتي الظروف الظالمين و لكنها لا تجعلهم خالدين .
- الصغار و المجانين لا يعرفون الأحزان ، و مع ذلك فالكبار العقلاء أسعد منهم.
- الآلام طريق الخلود لكبار العزائم ، و طريق الخمول لصغارها.
- إنما تحمد اللذة إذا أعقبت طيب النفس ، فإن أعقبت خبثاً كانت سمًّا.
- اللذة و الألم ينبعثان من تصور النفس لحقيقتهما ، فكم من لذة يراها غيرك ألماً ، و كم من ألم يراه غيرك لذة.
- الألم امتحان لفضائل النفس و صقل لمواهبها.
- لولا الألم لما استمتع الإنسان باللذة .
- قلَّ أن تخلو لذة من ألم ، أو ألم من لذة .
- الإيمان يعطينا في الحياة ما نكسب به قلوب الناس دائما : الأمانة ، و الصدق, و الحب، و حسن المعاملة.
- المغرور إنسان نفخ الشيطان في دماغه ، و طمس من بصره ، و أضعف من ذوقه ، فهو مخلوق مشوَّه .
- لا يكذب من يثق بنفسه، و لا يخون من يعتز بشرفه.
- بالحق خلقت السموات و الأرض ، و بالحب قامتا.
- من أحبه الأخيار من عباد الله استطاع أن يشمّ رائحة الجنة.
- إذا أردت أن تعرف منزلتك عنده فانظر : أين أقامك ؟ و بمَ استعملك ؟.
- العبادة رجاء العبد سيده أن يبقيه رقيقاً.
- المؤمن حر ولو كُبِّل بالقيود، والكافر عبد ولو خفقت له البنود .
- من علامة رضاه عنك أن يطلبك قبل أن تطلبه، و أن يدلك عليه قبل أن تبحث عنه.
- عَلِم أنك لا تصفو مودتك له فأحوجك إليه لتقبل بكل ذاتك عليه.
- كم من طائر يظن أنه يحلّق في السماء وهو سجين قفصه ، أولئك المفتونون من علماء السوء .
- إذا أمرضك فأقبلت عليه فقد منحك الصحة ، و إذا عافاك فأعرضت عنه فقد أمرضك.
- إذا أوحشك من نفسك و آنسك به فقد أحبّك.
- إذا قبلك نسب إليك ما لم تفعل , و إذا سخطك نسب إلى غيرك ما فعلت.
- إذا كان لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه إنا إذاً لهالكون.
- عبد الذنب موثق ، و عبد الطاعة معتق .
- عبد العبد يستطيع فكاك نفسه بالمال ، و عبد السيد لا يستطيع فكاك نفسه إلا بالأعمال.
- المعصية سجن وشؤم وعار ، و الطاعة حرية و يمن و فخار .
- بين المعصية و الطاعة صبر النفس عن هواها لحظات.
- الصبر على الهوى أشق من الصبر في المعركة و أعظم أجراً ، فالشجاع يدخل المعركة يمضغ في شدقيه لذة الظفر ، فإذا حمي الوطيس نشطت نفسه و زغردت ، و المؤمن وهو يصارع هواه يتجرَّع مرارة الحرمان فإذا صمّم على الصبر ولَّت نفسه و أعولت ، و الشجاع يحارب أعداءه رياءً و سمعة و عصبية واحتساباً ، و لكن المؤمن لا يحارب أهواءه إلا طاعة واحتسابا ً.
- يا رب إذا كان في أنبيائك أولو العزم و غير أولي العزم و جميعهم أحباؤك ، أفلا يكون في عبادك أو لو الصبر و غير أولي الصبر و جميعهم عتقاؤك ؟ .
- إلهي و عزتك ما عصيناك اجتراءً على مقامك ، و لا استحلالاً لحرامك ، و لكن غلبتنا أنفسنا و طمعنا في واسع غفرانك ، فلئن طاردنا شبح المعصية لنلوذنًّ بعظيم جنابك ، و لئن استحكمت حولنا حلقات الإثم لنفكنها بصادق وعدك في كتابك ، و لئن أغرى الشيطان نفوسنا باللذة حين عصيناك ، فليغرين الإيمان قلوبنا بما للتائبين من فسيح جنانك ، و لئن انتصر الشيطان علينا لحظات فلنستنصرنَّ بك الدهر كله ، و لئن كذب الشيطان في إغوائه ، ليصدقن الله في رجائه.
- إذا أحب الناس إنساناً كتموا عيوبه و نشروا حسناته ، فكيف لا ينشر المؤمنون فضائل رسولهم و ليست له عيوب ؟.
- لئن شقَّ موسى بحراً من الماء فانحسر عن رمل وحصى ، فقد شقَّ محمد صلى الله عليه و سلم بحوراً من النفوس فانحسرت عن عظماء خالدين ، و لئن ردَّ الله ليوشع شمساً غابت بعد لحظات فقد ردَّ الله بمحمد إلى الدنيا شمساً لا تغيب مدى الحياة ، و لئن أحيا عيسى الموتى ثم ماتوا فقد أحيا محمد أمماً ثم لم تمت .
- إذا امتلأ القلب بالمحبة أشرق الوجه ، إذا امتلأ بالهيبة خشعت الجوارح ، و إذا امتلأ بالحكمة استقام التفكير ، و إذا امتلأ بالهوى ثار البطن والفرج .
- المريض المتألم كالنائم : يهذر و يرفث ولكنه لا يحاسب.
- لا تعظ مغلوباً على هواه حتى يعود إليه بعض عقله.
- محبة الله تورث السلامة ، و محبة الناس تورث الندامة ، و محبة الزوجة تورث الجنون .
- إذا همّت نفسك بالمعصية فذكرها بالله ، فإذا لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال ، فإذا لم ترجع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس ، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة قد انقلبت إلى حيوان.
- لكل إنسان عيب ، و أخف العيوب ما لا تكون له آثار تبقى .
- إذا مدك الله بالنعم و أنت على معاصيه فاعلم بأنك مستدرج ، و إذا سترك فلم يفضحك ، فاعلم أنه أراد منك الإسراع في العودة إليه.
- الحب وَلَهُ القلب ، فإن تعلق بحقير كان وَلَه الأطفال ، و إن تعلق بإثم كان وله الحمقى ، و إن تعلق بفان كان وله المرضى ، و إن تعلق بباق عظيم كان وله الأنبياء و الصديقين .
- يخوّفنا بعقابه فأين رحمته ؟. و يرجينا برحمته فأين عذابه ؟ هما أمران ثابتان : رحمته وعذابه ، فللمؤمن بينهما مقامان متلازمان : خوفه ورجاؤه .