ترجمة جزء من كتاب ( الرحلة الداخلية ) .
الحب …ليس فيه أنا
نحن البشر مضطربين…و إلى حافة الجنون واصلين….يجب أن نكون هادئين ولأجسادنا مسترخيين…بعكس.. قلوبنا.. التي يجب أن نشدها ولا نرخي من أوتارها….
يمكننا أن نسمع نغمات رائعة صادرة من أوتار قلوبنا…إنها نغمات رقيقة…بديعة…ولكن أصبح صداها بعيد عنا…صرنا لا نسمعها… لأن المجتمع أفقدنا …قلوبنا…عبر العصور..والقرون…ضاعت كل قيمنا والتي منها كنا نأخذ كل صفائنا…وصدقنا…والمليئة بالتقوى قلوبنا!!… علينا أن نرجع إلى قلوبنا …يجب أن نجعل من أوتارها… رقيقة… متناغمة…
والطريق الأسلم إليها هو الحب…الحب يجب أن نملئ به قلوبنا…ومن خلاله سنسمع ضرباته أنغاما جميلة بل سيمفونية …تملئ الكون تناغما… وانسجاما…كل ذلك بسبب الحب الذي يخالجنا…ومنه سنكون له طائعين مستسلمين…إنه كالصلاة لرب العالمين….أنه الطريق إلى الله تعالى…بل إنه الله رب العرش العظيم.
يجب أن يكون الحب… كالصلاة لله تعالى…عندما نقف بين يدي الله خاشعين…قلوبنا خفاقة بالحب له…مؤمنين…إذا لم نعش تلك الحالة في صلاتنا…فهي صلاة خاوية …إنها مضيعة لوقتنا وجهدنا…الصلاة بدون حب…هي رحلة إلى الله خاطئة…فاشلة…يجب أن تكون فيها أوتار قلوبنا متناغمة…وفي حب الله …ذائبة… يجب أن تكون له عاشقة…وبعدها يمكن من خلالها نكون موفقين …وإلى طريق الله واصلين.. لذلك فهناك أمورا عن الحب يجب أن تعرفها…وتدركها.
نحن ندعي بأننا نعرف الحب!!… من الخطورة …أن نتوهم!! بأننا لأمور الحب أعلم!!..لأننا سوف لن نكون متحفزين وللتعرف عليه مجاهدين!! ولنصحو من ما كنا نعتقد بأننا للحب …. عارفين!!!
لكننا نحن غير مدركين …بأننا لوعرفنا الحب…نصبح مباشرة… لمعرفة الله قادرين…إذا عرفنا الحب…سوف لن يكون هناك شيء لم نعرفه في الحياة.
أما إذا واصلنا اعتقادنا بأننا للحب فهمنا!! …سوف نظل جاهلين وإلى كل شيء غير مدركين!!… فالحب الذي ندعيه حبا…أظنه لن يكون حبا…فهو شيء آخر مختلف عن الحب…وطالما إننا نتوهم… فستكون الفكرة موجودة بأننا نعرف كل شيء عن الحب…كيف نبحث عنه؟؟ كيف نجده؟؟!!…أولا علينا أن نفهم بأننا لا نعرف الحب أبدا!!
لا يوجد أحد منا يمكنه أن يحب …لأن ليس هناك تدفقا للحب في قلوبنا…عندما نبوح لأحد بحبنا …في الحقيقة نحن لا نهبه الحب!!! و لكننا نطلبه!!…كلنا نطلب الحب…وكيف للشخص يعطي حبا وهو بنفسه يطلبه؟؟!!كيف للشحاذ أن يكون أميرا؟؟!!!
كيف للناس الذين يفقدون الحب …يعطونه؟؟!! كلنا نطلب الحب من الآخرين…خلقنا لنكون شحاذين… وعن الحب سائلين!!…الزوجة تطلب الحب من زوجها… الزوج يطلب الحب من زوجته….والأم تطلبه من أبنها…والأبن يطلبه من أمه….والأصدقاء يطلبون الحب من أصدقائهم
كلنا نطلب الحب من بعضنا الآخر…غير مدركين بأن الصديق الذي يحبنا هو أيضا بالحب يطالبنا….وكأننا شحاذين…واقفين أمام بعضنا …حاملين وعائنا… نتسول الحب من بعضنا!!!
كلما طلب الفرد منا الحب!! …كلما كان غير قادرا على أن يعطي حبا…لأن طالب الحب… إشارة على أنه ليس هناك مصدرا للحب بداخله!! وإلا لما طلب الحب من الخارج؟!فقط الشخص الذي هو ارفع من أن تكون له حاجة لطلب الحب…هو الشخص الذي يكون قادرا على منح الحب…الحب هو مشاركة…وليس تسولاً…الحب هو سلطاناً …وليس شحاذا…الحب هو…. عطاءا… ولا يمكن أن يكون طلباً !!
هل نحن نعرف الحب؟؟؟
المحب إذا طلب حبا…. لا يعتبر محبا…ولنتذكر بأن الذي يطلب الحب …سوف لن يحصل على الحب في هذا العالم أبداً !!
من القوانين الأساسية و الربانية في هذه الحياة…بأن الذي يطلب الحب ..لا يحصل عليه أبدا!! ياتي …فقط… عندما يختفي الشوق إليه
سيبدأ الحب بالتدفق في البيت عندما يتوقف فيه للحب مطالبا… أما البيت الذي يتوق بشدة… حبا …سوف يتوقف الحب …ولن… يكون هناك مطراً من الحب فيه… منهمرا !!…أبداً…
القلب الذي يطلب الحب لا تكون لديه نوع من المرونة التي تساعد الحب …ليتوغل بداخله…و ليعلن عن قدومه…ويطلب بفتح الباب على مصراعيه له… فقط…عندما يكون هناك قلب فيه نوع من التقبل للحب… بالمشاركة…بالعطاء…
هل طرق الحب أبوابنا مرة؟؟!! كلا !! لأننا نحن غير قادرين أن نعطي حباً! فكيف هو يأتي لنا؟؟!!
و تذكر ايضا…
أي شيء نعطيه في الحياة…سوف يرجع لنا….إنه من قونين الحياة… و ما العالم إلا إنه مجرد صدى لنا…لأفعالنا…إن أعطينا كرها…سوف يعطينا كرها!!…وإن غضبنا…سوف يرجع الغضب علينا !!وإن إنتهكنا غيرنا..كذلك سوف ينتهك بنا!!…وإن رمينا الأشواك على غيرنا…أيضا سوف ترجع الأشواك لنا!! أي فعل نقوم به في هذه الحياة…سوف يعود علينا وكذلك عندما نبادل الحب سوف يرجع الحب لنا…. منهمر… بدون حدود…!!!
إذا لم يرجع لنا الحب…بطرق غير محدودة…علينا أن نعرف أننا لم نعطي حبا…ولكن!!؟…كيف لنا أن نعطي حباً؟؟ وهو لا يحتوينا لنعطيه؟؟.. وإن كان لدينا حبا …لماذا نبحث عنه ؟؟ لماذا نتحول إلى شحاذين من باب إلى باب متنقلين …و إلى الحب سائلين…لماذا؟!
لماذا نطلب الحب؟؟
يحكى أن درويشاً… أسمه فريد…طلب منه الناس أن يتوسط لهم عند حاكم بلدتهم…بأن يفتح مدرسة لهم…
رد عليهم فريد…بأنه لا يستطيع أن ينفذ طلبهم…لأنه متعود دائما أن يقضي للناس حاجاتهم…و لا يطالبهم!! تعجب الناس من قوله هذا لأنهم معتقدين بأن الدراويش من طبيعتهم دائما يطلبون من الناس حاجاتهم …ولا يفكرون بعطائهم لهم ..وأنت قلت بأن الدرويش يعرف العطاء فقط!!
رد عليه الناس بأنهم لا يفهمون ما يقصده … ولكن طلبوا منه أن يعمل لهم معروفا بأن يذهب للحاكم ليطلب منه أن يفتح لهم مدرسة…وافق فريد أن ينفذ للناس طلبهم… ذهب مبكرا …وإلى الملك زائراً
كان الملك يصلي في مسجده… وقف فريد خلفه!!… عندما أنتهى الحاكم من صلاته…رفع كلتا يديه…داعيا الله قائلا:
إلهي…
زد لي في ثروتي
زد لي في كنوزي
ووسع لي مملكتي…
عندما سمع فريد دعاء الملك…ولى هارباً!! وعندما نهض الملك لاحظ فرار فريد فأسرع … واستوقفه وسأله قائلا: لماذا جأت إلي ثم رجعت فارا بعيدا ؟؟!!
رد عليه فريد ظننت إنك كنت ملكاً ..و إذ بي أراك أيضاً شحاذاً!!…ظننت بأنني يمكن أن أطلب منك أن تبني لأهل المدينة مدرسة… وإذا بي أراك شحاذا تطلب من الله أن يزيد من مالك وثروتك…فلا يجب أن أطلب شيئا من شحاذا!! …لذلك فررت مغادرا
نحن جميعنا شحاذين… ونذهب مطالبين…من شحاذين آخرين شيئا ليس له مالكين…وإذا لم نحصل عليه!!…نصبح كئيبين وبالدموع معبرين نحن نندب حظنا….بأننا غير قادرين أن نحصل على الحب!!
الحب ليس شيئا يفرض علينا من الخارج!…. بل إنها نغمات تصدر من داخل كياننا … لا يمكن لأحد أن يعطيك الحب…الحب…. شعور يبزغ من داخلك… لا يمكن أن يفرض عليك من الخارج أبداً!!…ليس هناك سوق أو دكان تستطيع من خلاله أن تشتري الحب…لا يمكن ان نشترى الحب …إنه إحساس لا يقدر بثمن!!
إن الحب هو تدفق وازدهار في داخلنا …إنه طاقة خاملة تنبثق فينا!!…ولكن كلنا يبحث عنه في الخارج…نبحث عن محب لنا من الخارج!!وما هو إلا عمل وفعل خاطىء…يجب أن تبحث عن الحب من داخل أنفسنا… حتى إننا لا يمكننا أن نتخيل بأن يمكن أن يكون هناك حب بداخلنا!!…لأننا أرتبطنا بفكرة بأن الحب لابد أن يكون مع محبوب موجود في الخارج !! لم نعد نتذكر…كيف يمكن للحب!! أن يظهر… من داخلنا!! لأن طاقة الحب باقية خاملة فينا!!…لم نعد ندرك بأن الحب الذي نسعى نطلبه في الخارج موجود سابقا…بداخلنا!!…لأننا نبحث عنه خارجاً…ناسين بانه موجود فينا!! …لذلك …فهو لا يمكن أن ينبثق فينا أبدا
الحب كنز ثمين موجود فينا منذ ولادتنا…فنحن لم نولد والمال معنا …المال … هو تراكم أجتماعي…والأنسان ولد مصحوب بالحب …فهو من حقوقه منذ ولادته….إنها ثروة فردية له وحده…موجودة بداخله…إنه الرفيق الذي يكون معه منذ ولادته… و يصطحبه معه طوال حياته….
ولكن الفئة القليلة المحظوظة منا..التي تبحث بداخلها لترى موقع الحب فيها… كيف يمكن أن تجده؟؟ وماهي السبل التي من خلالها تطوره؟؟! …
نحن ولدنا….ولكننا….عجزنا أن نكتشف الثروات المكنونة بداخلنا!!!
نحن مستمرين… نمد أيدينا… نتسول… حبا من أبواب الآخرين…فهناك رغبة واحدة في العالم وهي… نحن نريد حباً…وهناك شكوة واحدة عبر العالم أيضا… وهي… نحن لا نحصل على الحب!! ونلوم الآخرين بأنهم هم المذنبين الذين بسببهم لم نحصل على الحب…فالزوجة تلوم زوجها والزوج يلوم زوجته …بأنهم كلاهما لديه الخطا الذي منعه من أن يحصل على الحب!! ولا أحد منا يتساءل كيف يمكنه أن يحصل على الحب من الخارج!!…فالحب هو كنز داخلي…وهو النغمات نفسها التي تصدر من خلال أوتار قلوبنا… ولكن أوتار قلوب الأنسان أصبحت مضطربة… منزعجة…فالنغمات التي يصدرها منه…. لا تنبثق منه أبدا!! ….إنها غائبة!!
كيف يمكن أن نطلق هذه النغمات من أعماقنا ؟؟
ما هي العقبات التي تقف في وجه تدفقها منا؟؟
ما هي الأسباب التي تمنعها؟؟
وهل فكرت يوما عن عقباتها؟؟
وهل فكرت ما هي تلك العقبات!!؟؟
هل تظن أن الممثل والمسرحي والشاعر الذي فينا قد…. مات؟!!
تذكرت هذه الحادثة :
تجمع العديد من الناس لحرق جنازة أحد الممثلين ، حتى أن مخرج الفيلم الذي كان يعمل فيه قد حضر للتعزية وقد قال فيه بضع كلمات، قال فيها: أنا الذي صنعت من هذا الرجل ممثلاً ..لقد أخذته من الصفوف الخلفية…وجعلت منه ممثلا مشهورا…أنا الذي أعطيته دور البطولة في أفلامه السينمائية…وأنا الذي نشر اول كتبه عبر العالم …وأنا الذي كنت له سببا ليصبح ممثلا مشهورا و معروفا في كل أنحاء العالم!!…
لقد تكلم المخرج كثيرا ..عن كل ماقام به من أجل ذلك الممثل الميت…الذي قام فجأة من جنازته وقال: معذرة سيدي من هو الذي ستحرق جثته الآن؟؟!!
أنا أم أنت…عن من تتكلم ؟؟!!
لقد قال المخرج بأنه هو الذي جعل منه ممثلا مشهورا وهو الذي نشر أول كتاب له…وهو الذي أعطاه دور البطولة في أول فيلم له…وهو…,هو… حتى الجثة لم تستطع أن تتحمل ذلك الأزعاج من قول كلمة أنا…وأنا!!…لقد نهضت وقالت معذرة … أريدك أن تخبرني من هو ذلك الذي سيحرق الآن أنا أم أنت…عن ماذا تتكلم؟؟!!حتى الجثة المستلقية أمامه لم تعد تتحمل كلمة ..أنا…ولكن الرجل مضى مواصلا …. وبكلمة أنا …مستمراً!!!
كيف للناس الأحياء… تتحمل أن تسمع كلمة …أنا….!!
يمكن أن يكون هناك صوتان فقط في الأنسان…لا يمكن أن يكون هناك صوت…. للحب…. في داخل الإنسان المملوء بصوت كلمة…. أنا….
وليس هناك صوت لكلمة… أنا… في الإنسان الذي يمتليء داخله بصوت الحب…
ولا يمكن لكلاهما أن يجتمعان معاً أبداً!! وإنه من المستحيل أن يجتمعان أبداً…مثل استحالة أن نجمع بين النور والظلام معاً…
سوف أقص عليكم حكاية خيالية….
في أحد المرات ذهب الظلام شاكيا إلى الله قائلا بأن الشمس تلاحقه دائما..فهي له زاعجة…فهي تلاحقه في كل الأوقات من الصباح حتى المساء
مما يجعله تعباً جدا.. وأثناء المساء….وقبل أن يكمل الظلام راحته ليلا…تبدأ الشمس أيضا …بملاحقته مرة أخرى…يقول الظلام ..أنا لا أتذكر بأني قد أسأت للشمس يوماً!! ولا اظن بأنني قد عملت على إستفزازها أو إغضابها!!…فلماذا إذا تلاحقني…لماذا ترهقني؟؟..ماهو ذنبي إذا؟؟؟ دعى الله تعالى الشمس وسألها عن سبب مطاردتها للظلام المسكين…والذي يحاول أن يتحرك ويختبيء هنا وهناك هاربا منها؟! لماذا تطاردالظلام لمدة أربع وعشرين ساعة؟؟ ماهو هدفها من ذلك؟؟ ردت الشمس قائلة معذرة … من هو الظلام؟؟ أنا لم أقابله حتى إنني لا أعرفه…ماذا يقصد بالظلام؟؟ أنا لم أراه أبداً؟؟
ولكن إذا أقترفت أي ذنب غير متعمدة… فأنا مستعدة للأعتذار له..ولو أدركته مرة أخرى سوف لن ألاحقه أبداً!!…
كان الظلام يشكو الشمس منذ ملايين من السنين …وهذه قضية أزلية موجودة في ملف العالم ولا يمكن البت فيها …
من المستحيل أن يجمع كل من الضوء والظلام معاً؟؟!…سوف لم و لن يمكن الجمع يهما في المستقبل أبدا إلا أن شاء الله!!
لا بمكن الجمع بين النور والظلام أبدا….لأن هناك سبباً…لأن ليس هناك للظلام وجوداً!!…فهو يكاد أن يكون منعدما أمام النور… وجود الظلام فقط عند غياب الشمس!! إذن..كيف يمكن للحضور والغياب لشيء أن يكون معاً ..كيف لشروق الشمس وغروبها أن يصبحان في وقت واحد؟؟؟
بنفس الطريقة لا يمكن الجمع بين الحب… والأنانية …فالأنانية مثل الظلام…تظهر عند غياب الحب …وليس عند وجوده!!
لقد غاب الحب بداخلنا …وبقى صوت الأنا يرن ويدوي فينا!! من خلاله نحن نقول نريد الحب….نريد أن نعطي حباً!! ونريد أن نتسلمه أيضاً!!هل أصبحت مجنوناً؟؟ ليس هناك أي علاقة بين الأنا والحب!! والأنا مستمرة تتكلم عن الحب…أنا…أريد أن أصلي …أنا أريد أن أطيع الله…أنا أريد أن أكون متحرراً!!
مثلها مثل الظلمة التي تقول بانها تريد أن تعانق الشمس!! …تريد أن تحب الشمس!! تريد أن تكون ضيفة في البيت الذي تكون فيه الشمس!! لا يمكن أن تتخيل الأنا بأن حضورها يكون عند غياب الحب ذاته!!الأنا تظهر عند غياب الحب نفسه..وكلما قمنا بتقوية صوت الأنا بداخلنا.. كلما قلت فرصة ظهور الحب فينا!!
تماما مثل ما عبرت الظلمة عن رغبتها بمعانقة الشمس!! و أن تكون ضيفة في البيت الذي تظهر فيه الشمس ..لا تتخيل الأنا بأن وجودها عند غياب الحب نفسه!! لا تدري بانها مرتبطة به !! فكلما قوينا نزعة الأنا بداخلنا… كلما… قل … أو… مات… وجود الحب بداخلنا
صوت الأنا يرن مدويا بداخلنا طوال اليوم وباستمرار ، فنحن نتنفس ونشرب…بأنا… و نتعبد بكلمة أنا…فما هو الموجود أيضا في حياتنا؟؟ غير كلمة أنا!!؟؟
ملابسنا هي ملابس أنا ..أعمالنا..هي من أعمال أنا…وثقاقتنا هي من ثقافة أنا…ممارستنا الروحية …مساعدتنا للآخرين…كلها جاءت بمساعدة أنا…كل شيء حتى مناسكنا …جاءت من الأنا…شعور قوي بداخل ما يسمى بالأنا يقول أنا ناسك …أنا لست مجرد مربي لأسرة…أنا لست بشخص عادي!!…أنا مساعد…أنا شخص عالم و مدرك…أنا غني!!…أنا هذا….أنا ذاك….الخ !!
جدران البيت لذي بني حول الأنا !! سوف لن يساعد على ظهور الحب بداخلنا أبدا…!!
من كل تلك النغمات التي تصدر من أعماق وجداننا والتي منها يمكن أن نلم ونعرف حقيقة حياتنا سوف لن تنهض من أوتار قلوبنا لأن… الأبواب… سوف… تبقى… دائما… مغلقة… أمامنا!!
من المهم أن تفهم كم قوية …كم هي عميقة.. فيك الأنا…يجب وبكل وضوح أن ترى كيف يمكنك أن تقويها …كيف يمكنك أن تجعلها عميقة….إذا تمكنت أن تجعلها أعمق…تجعلها.. أقوى وأقوى كل يوم …إذا قمت بتقويتها بنفسك…ستشرق بداخلك قطرات من الأمل ..بظهور الحب بداخلك…أو بإمكان فتح عقدة الحب المغلقة فيك…أو يمكن كنز من الحب سينهمر بداخلك..
أهمل كل فكرة توهمك بعدم جدوى تمكنك من تحقيق ذلك.أنا لم أقول لك أن تبدأ الحب لأن الأنا فيك تمكنت أن تقول أنا عاشقة..و…أنا…أحب!! لأن الحب الذي يصدر من الأنا هو حب خاطئ تماما…لذلك…أنا أقول بأن كل حب يصدر منا هو حب خاطئ..لأنه يأتي من خارج ذاتنا…إنه مجرد ظلال من ذاتنا.
وتذكر…بأن الحب الذي يصدر من خارج ذاتنا هو حب أكثر خطورة من الكراهية!! لأن الكراهية شعور واضح… ومباشر…وبسيط!!ولكن للحب وجوه عديدة …متغيرة… من الصعوبة معرفتها أو إدراكها
إذا أحببت من خارج ذاتك سوف تشعر بعد فترة وكأنك مقيد بسلاسلا حديدية بدلا من أن تكون بين احضان الحب…بعد فترة ستعرف بأن الحب الذي يكتب لك أجمل الكلمات….ويغني أجمل النغمات …مجرد حب يخدعك منذ البداية !!
هناك الكثير من السم في تلك النغمات الجميلة!!……فإذا جاء الحب على شكل زهور…فإنه إنعكاس عن الذات !!…وذلك عندما تلمسها سوف تجد حولها أشواك قد تجرحك!!
عندما يصطاد الناس السمك فإنهم يضعون طعما على الصنارة !! كذلك…الذات تريد أن تكون السيد على الآخرين!!…إنها تريد أن تتملكهم…لذا فهي تخترقهم بكل عمق بإغراء الحب الذي على الصنارة!! الكثير من الأشخاص إنتهى الحب لديهم بمعاناة وألم!! والسبب لأنهم كانوا يتوهمون الحب فإنهم يتألمون من النار المشتعلة فيها قلوبهم!!
نحن البشر نعاني ونتألم بسبب وهم الحب…ولكننا مازلنا لا نفهم ولانعرف بأن الحب الصادر من الذات هو حب خاطئ…لذلك النار المضطرمة فينا مازالت مشتعلة بداخلنا!!
الحب المربوط ….بالذات… هو نوع من الغيرة…لهذا السبب ليس هناك أشد غيرة من المحبين!!…الحب المربوط بالذات هو مؤامرة!! ..إنها تعمل على تملك الآخرين!!
إنها مؤامرة…لذلك لا أحد يختنق عند الكلام …إلا المتحدثين العاشقين عن الحب..إنه موقف يحدث… لأن الحب يأتي من الأنا…ليس هناك أي علاقة بين الحب وبين الأنا وحب الذات!!
حتى سعينا و بحثنا عن الله ستكون حاضرة فيه الأنا !! ( أنا أبحث عن الله) يجب علي.. أنا.. أن أصلي إلى الله… مثلما أقول… يجب .. أنا ..أن أحقق لي ثروة ضخمة و أحرز.. أنا ..في عملي إلى مركزا مرموقا…يجب علي ..أنا.. أن أبني لي بيتاً كبيرا…بقى لدي هدفا أخيرا… وهو… علي ..أنا .. أن أصل إلى الله!!…كيف يمكنني الحصول على هذا المقام بالسعي إلى الله!!؟ إنها ستكون آخر إنتصاراتي!!…يجب علي..أنا .. أن أحقق هذا النصر!!…هذا الأصرار وهذا الأعلان هو بحث عن الأنا ذاتها !!
إن الشخص المتدين ليس هو الذي يبحث عن الله …و إنما هو الذي يبحث عن ذاته… كلما بحث أكثر …كلما عرف بأن الأنا لم تكن موجودة أبدا وفي اليوم الذي لم تكن الأنا فيه باقية…سيفتح الباب المخبأ… للحب …لذا عليك أخيرا أن تستمر في البحث عن ذاتك وليس في البحث لإيجاد روحك!!!
ليس لديك أية فكرة عن روحك بتاتاً…لا تبحث عن الله لأنك ليس لديك أدنى فكرة عنه!! كيف ستبحث عن شيء ليس لديك معرفة به أبدا!!؟؟ أين ستبحث عن شخص ليس لديك له عنواناً!!؟؟ ولا لديك به أية معرفة؟؟!كيف ستبحث عن فرد …لا… تعرف… له… بداية…ولا… نهاية.. أو مكان؟؟!…في ذلك الأثناء ستصبح مجنونا مشردا غير عارفا..إلى أين أنت متجها.. إلى اليمين أم شمالاً؟؟؟!! إنك ستصبح حقا مضطرباً!!
ولكننا نحن نعرف شيء واحد ..وهي ..الأنا التي لنا…لذا يجب أولا أن نبحث عن ماهية ذاتنا ..ومكانها …والتعرف عليها…وكلما بحثت عنها كلما تفاجأت …بعدم وجودها…إنها مجرد.. وهم.. اختلقتها… بنفسك!
عندما يولد الأطفال نعطيهم إسما يرافقهم طوال حياتهم وبعد فترة نلاحظ إنه يلائمهم !!..قد ندعي أحدهم أحمد..أو سامي…أو يوسف…وغيرها من الأسماء نعلقها عليهم!! …لا أحد لديه أسما سابقا !! فقط عندما يولد نعطيه إسما … لندعوه به!! ولكن بعد …فترة… وعندما يسمع الفرد أسمه باستمراراً!!.. يتولد لديه وهما… بأن هذا الأسم مخصص له هو فقط ليقول …أنا أحمد…أنا سامي…أنا يوسف..!!!وهو مستعد للدفاع وقتال كل من يهين أويذكر أسمه سوءاً !! لماذا كل هذا الدفاع المستميت عن أسمه ؟؟ هو لم يولد مصحوبا بهذا الأسم!! ليس هناك أحد ولد بأسم أبدا!!!
كل فرد منا ولد بدون أسم…و المجتمع هو الذي منحه إسما!! من الصعوبة أن تعلق بطاقة خالية بدون أسم!! لابد أن نضع عليها عنواناً حتى يكون لها المجتمع متعرفا!!..إنه لقبا قلدك به المجتمع…
سوف نكون مرتبكين إذا نحن نادينا أنفسنا بأسماءنا!!.. لأن أسمنا تستعمل من قبل الآخرين…لذا تحاشياً… في أن نكون في إرباكا… صرنا ننادي أنفسنا ( أنا ) ….فأنا هو العنوان الذي ننادي به أنفسنا … وأسمنا هو عنواناً الذي ينادينا به الآخرين!!…وكلا الأسمين وهم قام بصنعه المجتمع!! ونحن طوقنا حياتنا بهذين الأسمين …وهما وبكل بساطة مجرد أسماء فارغة لا معنى لهما ولا حقيقة!!. إنها مجرد… أسماً… لنا….وعنواناً!!
كانت هناك بنتا جميلة تدعى أليس …كانت تتجول في بلاد عجيبة وفي أثناء تنقلها قابلت ملكة … سألتها : هل قابلت أحد في هذا الطريق؟..ردت عليها أليس قائلة… لا أحد…وبعد لحظات قابلت رسولها وسألته أيضاً.. قائلة: هل قابلت احد في طريقك..رد عليها قائلا …لا أحد.. ظنت الملكة بأن هناك شخصا يسمى.. لا أحد.. رآه كل من البنت أليس… و …مرسالها ..وعندها سألت الملكة مرسالها…: من هو أسرع منك في هذه البلاد رد عليها…لا أحد .. لأنه هو الذي يجب أن يكون سريعا جدا..وقد ظن بأن هناك شخص آخر أسرع منه…تساءلت الملكة قائلة … عجبا أظن إن… لا أحد… هذا أبطأ منك في مشيهه إنا لم أرى أحد قبلك وصل إلى هنا !! كيف تقول بأن هناك شخصا يدعى… لا أحد… رأيته في طريقك ؟؟ …تدارك المرسال الموقف وعرف سوء الفهم الذي صارت فيه الملكة!!… فرد عليها قائلا: أقصد بلا احد يعني لا أحد …ردت عليه الملكة ..أعرف بأن لا أحد يعني لا أحد ولكن لم يصل حتى الآن…. أين هو!!؟؟؟
نحن البشر لدينا أيضا سوء فهم في معرفة معنى بعض الكلمات …كلنا لدينا أسم واحد فقط…وهو …لا أحد!!..فهذا هو الأسم الأنسب لنا … فهو أسم يخلو من كل معنى… ففكرة كلمة (أنا).. يقصد بها …لا أحد… ليس إلا !! ولكن ومن خلال سوء فهمنا تولد وهم فينا… بأننا شيء هام …لأننا نمتلك أسماً!!
يموت الأنسان و يترك يكتب أسمه على الصخور.. آملا من بعده أن تبقى موجودة… مدى الدهور!!! ولنتساءل !! هل ستبقى الصخور!!؟؟ مدى الدهور؟؟!!
كل الرمال التي على ساحل البحر كانت أحجار …ولكنها كلها تحولت إلى رمال!! سواء كتبت أسمك على الرمال أو على الأحجار!!….كلها… ذابت في مياه البحار!! ففي هذه الحياة ..وعبر الأيام والأجيال …كل شيء يتساوى ليس هناك فرق بين الرمال الناعمة أو الصخور الصلبة!!
نحن نرى الأطفال على ساحل البحر لاعبين يكتبون أسمائهم على الرمال فرحين !!! و نذهب إليهم ساخرين… ونقول لهم مستهزئين… بأن موجة من البحر ستأتي إلى الساحل … مخربة كل ما قاموا بتشيده من لعب على الرمال ماسحة أسمائهم المكتوبة !! لها فاقدين!!
ولكن الكبار يقومون بأفعال مثل الصغار …!! فهم عندما يموتون يتركون أسمائهم على الأحجار !! ناسين بأنها في يوم ما ستذوب و ستتحول إلى رمال !!…ظانين بأنها ستبقى أبد الدهر … والناس ستظل لأسمائهم ذاكرين!! ومن كل ذلك يدل على أن ليس هناك فرق بين الكبار و الصغار كلنا متساوين! في السذاجة وكلنا لدينا وهم باننا باقين!!…. إننا لأنفسنا مخادعين!!!
تذكرت حكاية قديمة جدا….. كان هناك جبلا ..طويلا…ممتدا يقال إنه من الجنة نازلا…وكان الملوك والحكام في ذلك الزمان هم الذين يحظون بشرف توقيع أسمائهم على ذلك الجبل … حتى يكون الملك مخلدا وعلى الأرض سيداً !! حاول أحد الملوك أن ينال ذلك الشرف فذهب مع جيشه إلى ذلك الجبل …وعندما قابلة حارس الجبل طلب منه أن يدخل الجبل وحيدا بدون تلك الجيوش الجرارة …آخذا أدواته التي سيستعين بها في كتابة اسمه…
دخل الملك ومعه الحارس مصطحبا…تلفت يمنة ويسارا…إلى هذا الجبل العظيم في الكبر….ولكن على الرغم من مساحته الممتدة…لم يتسنى له أن يرى ولو مساحة صغيرة خالية بدون أسماءً ليكتب إسمه فيها!!….فقال للحارس كل المكان مغطى بأسماء من يبتغون السيادة على الأرض!! حتى إني لم أجد مساحة ولو صغيرة أكتب فيها أسمي!! صار الملك حزينا ومضطربا…لكن رد عليه الحارس مطمئنا …لا تقلق يمكنك أن تمسح أحد الأسماء وتكتب أسمك فيه…ألتفت الملك إلى الحارس مستغربا …ثم رد قائلا !! من الجنون أن يكتب الفرد أسمه ويأتي آخر يمسحه ليضع أسمه مكانه!! قد أكتب إسمي في هذه اللحظة…و يأتي آخر يمسحه غدا!!! إذا ما الهدف من كتابة إسمي هنا….رد عليه الحارس هذا الفعل قام به أباؤنا… و أجدادنا…إن هذا الجبل موجود من عصور قديمة جدا جدا وعلى الرغم إنه عظيم المساحة ممتدا ألا إن مساحته تغطت جميعها بأسماء من يرغبون البقاء والخلود في هذه الحياة أبداً!!! تراجع الملك معتذرا عن كتابة أسمه فوق الجبل !! وقال مستغربا…كل هذا الجبل العظيم صار بالأسماء مغطيا!!…من هو الذي سيأتي ليقرأ كل هذه الأسماء!!؟؟…وما الفائدة التي ستعود عليهم من قرائتهم…إني أعتذر … لن أكتب أسمي على هذا الجبل!!! أبدا!!! ورجع الملك متقهقراً….
إن هذا الملك واعياً جدا … لقد أستدرك مدى سذاجة الآخرين… في الحرص على كتابة أسمائهم على ذلك الجبل العظيم إنهم لأنفسهم مخادعين!!
هناك آخرين حريصين على كتابة أسمائهم على الأحجار… والآثار وفي المعابد و في كل مكان معتقدين إنها طريقة ستجعل أسمائهم للذكرى في ذلك المكان مخلدين !!..ناسين بأنهم ولدوا … وجاؤا إلى هذه الحياة بدون أسماء!!
ليس لديهم أسماء يملكونها!!… فهم يشوهون الأحجار ويضيعون وقتهم والكثير من جهدهم في سبيل كتابة أسمائهم…تخليدا لذكراهم!!! ثم بعد أن يموتون وإلى الدنيا يودعون …يغادرون!! بدون أسماء!!
نحن لا نملك أي أسم!!…إنه… مجرد خدعة تظهر إلى العالم الخارجي … وكلمة … أنا … خدعة أيضا ظهرت لعالمنا الداخلي إنها عملة ذات وجهين !! وطالما موجود هذا الوهم فينا ..فإن مساحة الحب بداخلنا لن تنهض أبداً!! لذلك يجب عليك أن… تبحث …الحب… ولو قليلاً !!
اذهب إلى ذلك الجبل… تفكر…. و تأمل وانظر إلى الأسماء الكثيرة المكتوبة عليه……هل تريد أن تمسح أحد هذه الأسماء من على سطحه… واضعاً أسمك مكانه؟!… متأملا أن تكون سيدا للعالم .. مخلدا!!!!… إذهب وتجول في أنحاء الجبل قليلا …ألا تظن إن أغلب صخوره عبر السنين تحولت إلى رمالاً ؟؟! تماما مثلما كتب الأطفال أسمائهم على رمل شاطيء البحر…ثم جاءت موجة متدفقة ومسحت أسمائهم!!!
إذا أدركنا مدى الوقت و الجهد الذي ضيعناه في سبيل حرصنا على كتابة أسمائنا على الصخور متأملين بأنها ستبقى على وجه الأرض مدى الدهور!! إذا أدركت وعرفت كم نحن نخدع أنفسنا وبالخلود في هذه الحياة هدفنا !!…بعد ذلك تأمل أكثر في داخلك وتفكر!!! …و ستعرف في يوم ما… بأن الكلمة التي نطلقها على أنفسنا والتي هي ….أنا…. يقصد بها…. لا أحد….لأن هناك صمت وسكون عميقين تعم داخلك …هناك سلام تحتويها روحك… لا وجود لكلمة أنا في الداخل وعندما تدرك يوما ذلك… بأن ليس هناك مكان… للأنا فيك!!
ستصبح عارفا بأن ليس هناك وجود حقا… إلا… وجه الله تعالى باقيا……أنه أقرب إلينا من حبل الوريد … إنه حولنا إنه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم……إنه ربنا .
من كل هذا أردت أن أقول لك… بأن الحب… هو الطريق إلى الله … والأنا وحب الذات هو الأبتعاد عنه…
الحب هو النور الذي إلى الله يأخذنا… والأنا هي الظلام والتي عن الله تحجبنا …
أكتشف الحب من خلال هذا الأتجاه… هذا الأكتشاف الذي سيبدأ مع الذات وسينتهي بتحقيق الحب ..لذا ليكن إكتشافك له بهذا الأتجاه
هل هناك حقا سحابة من الأنا مازال موجود فينا ؟؟
الأنسان الذي يبدأ مفكرا وللحقيقة مكتشفا سوف لن يكون فقط للأنا واجدا ولكن… إلى الله ….واصلا وبه مؤمناً…
الإنسان الذي يبدأ يكتشف بهذه الطريقة …سوف لن يجد ذاته فقط ولكن سيجد الله في أعماقه…مؤمناً به متوكلا عليه!! إن الأنسان الذي يربط نفسه بعصاة الأنا سوف لن يتمكن أن يصل نفسه بالمحيط… إنه النقطة التي لن تتمكن ان تسقط بالمحيط…لن تتمكن أن تكتشف الطريق إلى الله!!
كل ما أردت أن أقوله أولا و أخير
إن…الأنا تبدأ في أول حياة الإنسان وفي آخر حياته..إنه يتألم من خلال إصراره على تمسكه بذاته….ولكنه حالما يتخلص منها سوف يصبح قادرا على تحقيق ذاته… وإلى النعيم واصلا….كل القصص والحكايات تتعلق بالأنا …كل الأحلام …كل االكذب فقط من أجل الأنا !!..أكتشف هذه الأنا بداخلك!! أبحث عنها!!
بعد ذلك كل….. أبواب النعيم ستفتح لك!!
إذا تمكنت من تحطيم صخرة الأنا فيك….خيوط الحب سوف تبدأ تجري و تتدفق بداخلك…و ستبدأ تسمع موسيقى الحب من داخل قلبك بازقة…. عازفة أجمل الأنغام ..تجعلك تعيش في سعادة غامرة و كأنك تعيش لحظات في أجمل الأحلام….الحب نغمات نسمعها من خلال ضربات قلوبنا…دقاته ..أجراس توقظ أرواحنا من بعد نوم الذات فينا وسباتها !! رحلة جديدة …سعادتها لا توصف بالكلمات….رحلة ستأخذك إلى مركز الحياة…لتعلمك هدف الوجود في هذه الحياة!!!
هذا ما أردت قوله لكم في آخر اللحظات من هذا الأجتماع…داعيا لكم…العيش في نعيم أجمل اللحظات!!
والآن لنبدأ تأملنا الليلي …الذي يستمر عشر دقائق …ثم سوف أودعكم…داعيا من الله في صلاتي بالسعادة والنعيم لكم…و ان تحققوا الحب في قلوبكم قادرين على أن تكونو متحررين من مرض الأنا التي بداخلكم.
أدعو من الله أن لا تموتوا شحاذين…مثل ذلك الشحاذ الذي توفي بعد أربعين عاما وهو يشحذ في نفس المكان ظاناً بأنه سوف يشحذ ويجمع مالا حتى يصبح أمبراطورا ، ا!! وهل تظنون بأن الشحاذ يمكن أن يكون امبراطور؟؟!! ألا يعلم بأنه كلما أصبح الأنسان شحاذا!!… كلما أصبح شحاذا عظيما
كان منذ بداية حياته شحاذا صغيرا…حتى أصبح في آخر حياته شحاذا عظيما…ولكن لم يصبح أمبراطوراً!! وعندما مات عامله جيرانه كما تعامل مع قبله من الناس الميتين…حارقين جثته…وناثرين رماده في كل مكان…ظن جيرانه بأن ذلك الشحاذا قد جعل الأرض لمدة أربعين عاما ملوثة!! فاقترحوا حفرها لتكون الأرض متجددة!!
وبينما هم في الحفر منهمكين …شاهدوا في الحفرة كنزا كبيرا تحت الأرض مخبئاً… في نفس المكان الذي كان يقف فيه الشحاذ طيلة أربعين عاما….لو أكتشفه الشحاذ قبل أن يموت لأصبح من شدة المفاجأة مجنوناً…لا يمكن أن يحتمل أن يرى كنز تحت المكان الذي كان يقف فيه كشحاذ لمدة أربعين عاما!!…لا يدري بأنه لو حفر الأرض التي تحته لتحولت حياته… إلى امبراطور عظيم!! ولن يكون في حاجة أن يصبح شحاذاً!
كيف للرجل الفقير أن يعرف بأن هناك تحت قدميه كنزا وهو مكتفيا بأن يقضي حياته ناظرا إلى الخارج …مادا كلتا يديه طلبا للمال من الناس …شحاذا!! ومات وهو شحاذا…على الرغم أن جيرانه والناس الذين حوله أصبحوا في ذهول جدا من ما رأوه تحت قدميه من كنز…يا له من رجل معتوه …ومجنون حقا …كيف له أن لا يكتشف بأن هناك تحت رجله كنزا عظيما؟؟!! في مكان كان واقفً فيه طيلة أربعين عاما!!! من الجنون أن نحزن من أجل هذا الشحاذ… يجب على الناس أن لا تصبح من أجله قلقة!! ولا تتهمه بأنه شحاذا معتوه لم يحاول أن يكتشف و لو لمرة تحته من كنوز مدفونة…!!…فقضى حياته كلها شحاذا… إني قلت لهم… يجب أن لا يحكموا على ذلك الشحاذ بالجنون والهبل…. فنحن سنموت أيضا…و يأتي أناس آخرون يحفرون تحت الأرض التي نقف عليها…و يكتشفون كنزا …ومن بعد ذلك سيسخرون منا ويستهزئون أيضاً !!
عندما يموت الشخص منا… يسخرون الناس الذين حوله ويتهمونه بالجنون لأنه أمضى حياته…هدرا …دون أن ينجز فيها شيئاً …وهم لا يدركون بأن هناك أناس آخرون أيضا… له ينتظرون… حتى يموت ..و عليه سيضحكون ويسخرون و كذلك عنه يرددون بأنه أمضى حياته هدراً ..لم يستطع أن ينجر من خلالها شيئاً!!
ولكن لو أدركنا بأننا سنموت يوما وستسخر الناس منا حتما…لو عرفنا السبب من سخرية الناس على الأموات لتداركنا الأمر واقتنمنا عيشنا قبل مماتنا..و.حتما ستتغير حياتنا…وسنتحول إلى أشخاص مختلفين …لو فكرنا بأن نحفر الأرض التي تحتنا الآن لأصبحنا نعيش ظروف مختلفة…وستجدي ثمارها لك نافعة…
أخيراً… أدعو من الله لك أن تموت أمبراطورا عظيما وليس شحاذا حقيرا…
أدعو من الله أن تموت عزيزا ولا تترك للناس فرصة لتكون بك ساخرة…
أدعو الله ساجدا أن يكون لك حافظا…بكل عزة و كرامة…..إنه سميع مجيب…
المصدر: ترجمة أحدى فصول كتاب الرحلة الداخلية .
للفيلسوف الهندي أوشو
مع تحيات أم أحمد