مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ
وجبهتي – بالموتِ – مَحنيَّهْ
لأنني لم أَحْنِها.. حَيَّهْ!
يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان مُطرِقينْ
مُنحدرين في نهايةِ المساءْ
في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ
لا تخجلوا.. ولترْفعوا عيونَكم اليّ
لأنكم مُعلَّقونَ جانبي.. على مشانِق القيصَرْ.
فلترفعوا عيونَكم اليّ
لربما.. إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّ
يبتسمُ الفناءُ داخلي..
لأنكمْ رفعتم رأسَكمْ.. مرَّهْ!
“سيزيفُ” لم تعدْ على أَكتافهِ الصَّخرهْ
يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ.
والبحرُ.. كالصّحراءِ.. لا يروي العطَشْ
لأنَّ من يقولُ “لا” لا يرتوي إلاّ مَن الدُّموعْ!
.. فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ
فسوف تنتهونَ مثلَه.. غدا
وقبّلوا زوجاتِكم.. هنا.. على قارعةِ الطريقْ
فسوف تنتهون ها هنا.. غدا
فالانحناءُ مُرّ..
والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرّجالِ ينسجُ الردى
فقبِّلوا زوجاتِكم.. إني تركتُ زوجتي بلا وداعْ
وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ
فعلّموهُ الإنحناءْ!
علّموهُ الانحناءْ!
اللهُ. لم يغفر خطيئةَ الشيطانِ حين قال لا!
والودعاءُ الطيبونْ..
هم الذين يرِثون الأرضَ في نهايةِ المدى
لأنهم.. لا يُشنقون!
فعلّموهُ الإنحناءْ!
وليس ثَمَّ من مَفَرّ.
لا تحلُموا بعالمٍ سعيدْ
فخلف كل قيصر يموتُ: قيصرٌ جديد!
وخلف كل ثائرٍ يموتُ: أحزانٌ بلا جدوى..
ودمعةٌ سُدى!
*
(مزج ثالث):
يا قيصرُ العظيم: قد أخطأتُ.. إني أَعترِفْ
دعني – على مِشنقتي – أَلْثُمُ يَدكْ
ها أنذا أُقبّل الحبلَ الذي في عُنقي يلتفّ
فهو يداكَ, وهو مجدُك الذي يجِبرُنا أن نعبُدَكْ
دعني أُكَفِّرْ عنْ خطيئتي
أمنحكَ – بعد ميتتي – جُمْجُمَتي
تصوغُ منها لكَ كأساً لشرابِك القويّ
.. فإن فعلتَ ما أريدْ
إن يسألوك مرةً عن دميَ الشهيدْ
وهل تُرى منحتَني “الوجودَ” كي تسلُبَني “الوجودْ”
فقلْ لهم: قد ماتَ.. غيرَ حاقدٍ عليّ
وهذه الكأسُ – التي كانتْ عظامُها جمجمتَه –
وثيقةُ الغُفرانِ لي.
يا قاتلي: إني صفحتُ عنك..
في اللّحظةِ التي استرحتَ بعدَها مني:
استرحتُ منكْ!
لكنني.. أوصيكَ إن تشأْ شنقَ الجميع
أن ترحم الشجر!
لا تقطعِ الجذوعَ كي تنصبَها مشانقاً
لا تقطعِ الجُذوع
فربما يأتي الرَّبيع
“والعامُ عامُ جوع”
فلن تشمَّ في الفرُوعِ.. نكهةَ الثَّمر!
وربما يمر في بلادِنا الصّيف الخَطِِرْ
فتقطعَ الصحراء.. باحثاً عن الظلالْ
فلا ترى سوى الهجيرِ والرّمالِ والهجيرِ والرمال
والظمأِ الناريّ في الضُلوع!
يا سيدَ الشواهدِ البيضاء في الدُّجى
*
(مزج رابع):
يا إخوتي
الذينَ يعبُرون في المِيدان في انحِناءْ
منحدرين في نهايةِ المساءْ
لا تحلموا بعالمٍ سَعيدْ..
فخلفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ.
وإن رأيتمْ في الطّريق “هانيبالْ”
فأخبروه أنني انتظرته مدى
على أبواب “روما” المُجهدهْ
وانتظرتْ شيوخ روما
– تحت قوسِ النَّصر – قاهرَ الأبطال
و نسوةَ الرومان بين الزينةِ المُعربدهْ
ظللنَ ينتظِرْن مقدمَ الجنودْ..
ذوي الرؤوسِ الأطلسية المجعّده
لكن “هانيبال” ما جاءتْ جنودُه المجنّده
فأخبروه أنني انتظرتهُ.. انتظرتهُ..
لكنهُ لم يأتِ!
وأنني انتظرتُهُ
حتى انتهيتُ في حبالِ الموت
وفي المدى: “قرطاجةٌ” بالنار تَحترقْ
“قرطاجةٌ” كانتْ ضميرَ الشمسِ
قد تعلَّمتْ معنى الرُّكوع
والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرجال
والكلماتُ تَختنق
يا إخوتي: قرطاجةُ العذراءُ تحترقْ
فقبِّلوا زوجاتِكم,
إني تركتُ زوجتي بلا وَداعْ
وإن رأيتم طفليَ
الذي تركتُه على ذراعها بلا ذِراع
فعلّموهُ الإنحناءْ
علّموهُ الإنحناءْ
عَلّموهُ الإنحِناءْ.
–*–
أمل دنقل
رحمكالله
رحمك الله ايها الشاعر المناضل
كفاك قصيدة لاتصالح
الصالحة لهذا الزمان
ro3a
ro3aaaa….. ra23a
ya khatili eni saf7to 3ank