[COLOR="DarkOliveGreen"]الإنسان وما وراء الإنسان
هذا الموضوع مخصص للحديث عن جوانب الشخصية الإنسانية التي تكونها من خلال:
الأنا
الأنا الأعلى
الهو
الشعور
اللاشعور
الوعي
اللاوعي
الإرادة
اللإرادة
الأفعال الانعكاسية
الأفعال اللاإرادية والإرادية
وما إلى ذلك
يحق للأعضاء عند تناول أي من المذكور سابقا المشاركة بما يعلمون ووضع آرائهم وإقتراحاتهم
وطرح ما يودون مناقشته ضمن هذا الموضوع
وموضوع البداية رح يكون مع الأنا
لقد عالج الإسلام الطبيعة الإنسانية بفلسفة تربوية نابعة من خطاب قرآني وسنة نبوية. والملاحظ أن الإسلام اهتم في توجهه التربوي بالفرد ثم حاول ضبط هذا الكائن داخل الفئة الاجتماعية. وهذه الأخيرة تعتبر جزءًا من الأمة عامة. ولعل المساجد التي ينظر إليها على أنها مؤسسة تقليدية قد أدت أدوارًا تاريخية في التنشئة على فهم الحقوق والحدود والواجبات. وإذا تأملنا القرآن فإننا نلاحظ تركيزه على مسألة المعرفة: معرفة الله/ معرفة النفس/ معرفة الكون/ معرفة الجنة والنار. ومصدر هذه المعرفة كتاب ناطق وخبر مجتمع عليه (السنة). ففي سورة العلق يقول الحق سبحانه: {اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم}[العلق:1 ـ4] والملاحظ أن هناك خمسة مركبات فعلية: اقرأ ـ اقرأ ـ علم ـ يعلم ـ علم + (خلق).
ثم إن هناك مسافة بين فعل القراءة كمرحلة أولى والعلم كمرحلة أرقى. وجاءت الآية رقم2: {خلق الإنسان من علق} بمثابة حد فاصل بين القراءة والعلم. وهذا دليل على أن المعرفة درجات تبدأ من عملية القراءة إلى غاية العلم بالظواهر. وهذا التقسيم في الآيات من سورة العلق (الآية 1 إلى الآية 5) يعطينا ثلاثة أمور أساسية:
1ـ أن الأمر بالقراءة جاء من قوة إلهية هي التي خلقت هذا الذي يجب أن يقرأ، وهذه الملاحظة تؤكد حكم الله في الصنع (نطفة ـ علقة ـ مضغة ـ عظام ـ لحم) ولذلك ففعل الأمر لم يأت عبثًا، وإنما من خالق، صانع، مصور يعرف مأموره منذ النشأة الأولى.
2ـ أن القراءة تصبح وسيلة لمعرفة شيئين: الذات الإنسانية نفسها، ثم الذات الإلهية التي وراء هذا الخلق.
3ـ حين تسمح القراءة للإنسان بمعرفة ذاته وربه، فإنها ترقى إلى قراءة أخرى أعمق هي العلم، وبالتالي سيعلم الإنسان مجموعة أشياء كان يجهلها سابقًا {ما لم يعلم} ومنها: كينونته/ وظيفته/ اختلافه عن باقي المخلوقات/ حقوقه/ واجباته/ ربه. ويحتل لفظ (القلم) دلالة بالغة في الآية رقم 4، فهو وسيلة للتدوين والحجة. إنه الذاكرة الثانية بعد العقل، كما أنه جاء كناية عن تنظيم المعرفة والانتقال بها من السماع إلى التدوين حتى يربط الإنسان بالممارسة الدائمة. ثم إن كلمة (علم) تعني (لقن/ كون/ ربى/ صحح/ أنشأ/ ونقل من حالة إلى أخرى)، وهذه المدلولات تؤكد أن الإنسان ليس سلعة مادية أو رقمًا اقتصاديًا في سوق الإنتاج كما يدعي ماركس وأتباعه، وليس نزوة حيوانية كما يعتقد فرويد، وإنما هو:
جسد: وجود أعضاء وظائفية لها ارتباط بالسلوك.
وعقل: تمييزه عن الحيوان.
وعاطفة: وجود دوافع بيولوجية وأخرى خارجية.
وسلوك: وجود مواقف وأفعال وحركات ذات معنى
إن أهم ما يكشف خصائص " الأنا " ، هو دراسة إطفاء وإضرام الوعي . فهذه الحادثة يمكن أن تظهر عدم تعقيد ظاهرة وعي الذات والشعور " بالأنا " . وأنه ليس مستحيلاً إضرام وعي " انا " إنسان معين ، بعد إنطفاء هذا الوعي ، بموت الجسم .
إن أساس اضرام وعي الذات ، هو إشعاع كهرطيسي بيولوجي ( عصبي ) . فهناك منطقة أو مجموعة بنيات ، تقوم ببث الوعي ، وهو يكون على شكل ، بث أمواج كهرطيسية تولد بيولوجياً ، وتبث على أغلب خلايا الدماغ ، وعندها يحدث إنعكاسات و طنينات أو تغذية عكسية ، بين ما يبث ، وبين المناطق التي تكون عاملة والتي هي تنتج ما يبث . فمثلاً إذا تم بث صور تم ورودها من المناطق البصرية ، فإن ما يبث على مناطق الدماغ ، يصل إلى المناطق البصرية ذاتها ، والتي هي المصدر الأساسي لما يبث . عندها يحدث تطابق بين مصدر البث الأساسي وما جرى بثه . وهذا يؤدي إلى حدوث تردد أو طنين ذو خصائص معينة ، يتم تكراره لفترة زمنية معينة ، هذه الفترة تنشئ " زمن الوعي " ، الذي هو أهم خصائص الوعي . لأنه إذا لم ينشأ هذا الزمن ، لما أمكن تشكل وعي الذات الذي نحسه ونعرفه ، لأن حدوث طنين الوعي لزمن لحظي ، ينتهي فوراً ، لا يمكن أن ينتج وعي بالذات ، لأنه يحدث ويزول فوراَ . إن حدوث طنين الوعي لفترة زمنية طويلة نسبياً ، هو أهم خصائص " وعي الذات " ، وكلما كان هذا الطنين واسع ومتنوع( صور وأصوات وروائح وإحساسات وعواطف وانفعالات ومعني ) أدى إلى ظهور وعي متطور أكثر . فالزواحف وعيها محدود جداً ، وهو لدى الثدييات متطور ، ولدى الرأسييات متطور أكثر ، أما لدينا فهو متطور جداً ، نتيجة اللغة والحياة الاجتماعية التي ولدت الثقافة . وهذا أدى إلى ظهور أنا فردية متطورة .
إن أهم ما يميز الشعور بالوعي الذاتي ويظهره أيضاً ، هو آلية التعرف التي تحدث في الدماغ ، فهذه الآلية الهامة جداً، هي من أهم آليات عمل دماغنا . فمبدأ الهوية " أ هي أ " يعتمد آلية التعرف ، ولولا هذه الآلية لما كان هذا المبدأ . فالمطابقة بين واردات حواس جديدة مع ما تم تخزينه في الدماغ من واردات حواس سابقة ، يتم بناءً على آلية التعرف. فعندما تتطابق أو تتشابه ، واردات حواس جديدة مع مثيل لها مخزن في الدماغ ( أي تم قرعه أو الوعي به سابقاً ) يحدث إحساس أو وعي التعرف . وهو تعرف فردي ذاتي عندما أتعرف على شيء معين أو إنسان معين أو مكان معين …، أو هو تعرف عام ، مثل هذه شجرة أو هذه سمكة أو هذا رجل …، أي تعرف على مجموعة خصائص معينة تميز مجموعة أشياء معينة عن بعضها . وأهم تعرف لدينا ، هو التعرف على ذاتنا أو أنانا ، فعندما نستيقظ كل صباح ، يتم التعرف على أنانا ، فكل منا عندما يصحو من نوم أو إغماء أو تخدير يتعرف على نفسه، فهو متأكد بشكل مطلق أنه هو ذاته عندما يضرم وعيه بعد أن يكون مطفأ . إن التعرف على الذات وعلى أنها هي نفسها وهي ثابتة ولم تتغير ، يجري لدى كل منا ، ولكن هل فعلاً ذات كل منا هي تبقى ثابتة ولا تتغير ؟ إن ذات كل منا هي بنية ديناميكية في صيرورة وتغير مستمر ، ومع هذا يحدث التعرف عليها ، وعلى أنها مازالت هي نفسها ولم تتغير .
[/COLOR]
415
10
1 Guest(s)