هذه القصة حقيقية حدثت قبل حوالي خمسة عشر سنة في إحدى قرى مدينة الموصل الحدباء
لقد كانت عائلة متوسطة الدخل تتكون من سبعة أبناء وأمهم التي رحل عنها زوجها وأبنائها مازالوا في مقتبل العمر
حملت الأمانة بقوة وإيمان
جعلت منهم كتلة واحدة رصينة لم تعبث بها رياح الدهر
كان حقلهم أشبه بجنة صغيرة وهم أغصان يافعة
سقتهم من دموعها وألبستهم من حنانها وحمتهم بكبريائها
مضت وتوالت الأيام وعودهم بدا يشتد وازداد التحامهم حول بعضهم
كانوا بنفس واحد ونبض واحد
اعتادت ألام أن تصنع اللبن لعيالها وتسقيهم منه كل صباح
هي لم تدخل معاهد للتعليم ولاتعرف كتبا مخطوط فيها طريقة العمل
امتازت عن جميع أهل القرية بميزة واحدة حارت فيها العقول
كانت باتي بالحليب مساء كل يوم وتضعه في إناء وتقول بسم الله لي ولعيالي
وما إن تشرق شمس صباح اليوم التالي حتى يتحول الحليب بقدرة من بيده كن فيكون إلى لبنا شهيا لم يدخل في إنتاجه أنزيم أو بروتين
دام هذا الحال سنوات طوال
حتى حل ذاك الصباح وهمت بإطعام من حولها فإذا به حليبا كما تركته عشاءا
بقي الجميع في صمت كبير
نظروا إلى ذلك الجبل الشامخ …..أماه ماذا يجري
تبسمت رغم الدموع التي لم تستطع إخفائها
اجلسوا يا أحبتي
اجمع متاعك يامن قررت الرحيل عن ركبنا
تعجب الأبناء وقالوا أماه ما تقولين
قالت لست أنا من يقول هو بينكم رغم إني لا اعرفه ولكن ليطمئن فجفوني التي لم تغمض عليه سنينا لن تنساه
ليرحل وعين الله ترعاه
ليرحل ولايقول وداعا
ليرحل قبل أن أفيق …..فخرت مغشيا عليها
نظر بعضهم لبعض فإذا بأوسطهم يطأطأ رأسه ويقول أنا من حدثتني نفسي بالرحيل
بقي جالسا عند رأسها طيلة اليوم
وما أن أفاقت نظرت إليه وقالت بني سر في حفظ الله فعندي أخوة غيرك يجب إطعامهم
ولا أريد أن أطيل وفعلا بعد أول يوم من خروجه عاد الحليب لبنا صافيا سائغا للشاربين
أحبتي ……
لا تتعجبوا إن ضاق بكم العيش وان قطعت بكم السبل
فليس هناك دواءا أفضل من وحدة الكلمة وصفاء القلوب
تحياتي
الاستاذ علي
ربما تاخرت في الرد
لكن رغم كلمات تلك المراة البسيطة الا انها جعلتني ابحر عميقا فيها …كلمت نفسي وتكلمت مع من حولي اين نحن من تلك القصة ..اين نحن من هذا التلاحم …بدات اعود قليلا للوراء وعدت استذكر كم وكم بقي الحليب على حاله …اين نحن من صفاء القلوب …مهما كتبت سابقى اقول اين واين نحن منها
تقبل تحياتي
rose1 rose1 rose1
415
12
1 Guest(s)