“إنسان” لا يحن إلى أمه، ولا يحبها، ولا يشعر بأن لها دوراً في حياته.
“إنسان” لا يحتاج إلى سماع عبارة “يابني” أو”ياابنتي”، ولا يفتقد الحضن الجميل، الدي طالما تدفأ فيه ولجأ إليه.
“إنسان” لا تدمع عيناه حين يتذكريوم كان صغيراً، وأُمه تنظف له بدنه، وتغسل له ثيابه، وتُلبسه إياها، وتودعه عند الباب وتنتطر عودته من المدرسة، ليجد الغداء جاهزاًُ، فتطعمه بيديها، وتُتابع دروسه، وإن لم تقرأ وتكتب، ويرى في عينيها إعجاباً به، وكأن ليس في الدنيا طفل جميل سواه.
“إنسان” يظن أنه من القوة، بحيث لم يكن في حاجة إلى رعاية أُمه وخوفها عليه، وأنه ليس لديه ما يُقدمه من حب ورعاية لأبنائه، لأنهم لن يحتاجوا إليهما.
“إنسان” يتوهم أن لا فضل لبشر في الدنيا عليه، وكأنه طرزان، الذي نشأ في الغابة ولا يُدين لأحد بالفضل إلا لوحوشها.
“إنسان” كهذا، يرى في نفسه كل هذه القوة، والقدرة على الاستغناء عن العالم، لن يحتاج إلى الناس من حوله، ولن يُطربه لحن، ولا ترنيمة عصفور مع موسيقى النسيم.
“إنسان” كهذا، لن يحتاج إلى أن يعتبر نفسه إنساناً. إنه “شجاع”، بما يكفي لأن يتذكر أٌمه الراحلة والبعيدة، ولا تفيض عيناه بالدموع.
حسبُهُ قلبُه المشتق من الصخر، ولو أن من الصخر ما يتشقق فيخرج منه الدمع والماء.