رسالة إلي الفردوس .



( شاهدت على صفحة التلفاز جنازة الشهيد ،
وبعدها بقليل شاهدت الغائبين عن الوعي ينسجون خيوط الأوهام ،
فكتبت إليه هذه الرسالة ) .
–*–
عزيزي الشهيد :
بعد السلام والتحية ….
أجبني … لماذا تركتنا …
أعمارنا ضياع في ضياع !؟
تركتنا دون أن تعلمنا ….
كيف نكون وقود للصراع ؟!
تركت أرواحنا كمدينة هي بلا حصون ..
بلا جنود .. بلا قلاع
كسفينة وسط الخضم مخضوبة بالدم ..
هي بلا شراع
–*–
لو عدت يا شهيد …
لوجدت كل شئ يبكيك …
حطام صريع …
لم نجد من أثرك في أوطاننا …
حتى نسيم الصقيع
فقد اغتالوا ذات يوم … ذكرى الربيع
واختال مزهوا على جوانحه خيط دم رفيع
لو عدت يا شهيد …
لوجدت حزنا يترقرق في عيني
في قلبي .. في روح طفل وديع …
يتساءل … لماذا تركوا الوطن صريع !
–*–
قد صار كل شئ حولنا يا شهيد ….
خرابا حيا في خراب ..
أوطاننا جدرانها صماء
مطلية هي بالدخان بالرماد …
طرقاتها جوفاء …
يسيل فيها الدم ممزوجا بالعذاب …
قد صار الأمان فيها موات …
وصار الأمل بعيدا كجنة بلا أبواب
ودمرت الأرواح وصارت بقايا رماد …
وحام من حول القلوب غراب …
–*–
سأقص عليك يا شهيد حكاية …
كيف مات الحب في أوطاننا …
وشيع إلى مثواه بموكب مهيب
وعلى جانب الطرقات…
تطل من تحت الرماد بقايا اللهيب عمري …
كأنها تود لو تشاركنا موكبنا الجنائزي العجيب
قد صرنا يا شهيد نناجى الحب بالأوطان …
غريب يناجى غريب …
مات الحنين … مات الحبيب …
وانزوى خلف النجوم … شعاع فجر رطيب
شيع إلى مثواه بموكب مهيب
–*–
لماذا تركتنا يا شهيد ؟!
أعمارنا كقصة حب نسجنا خيوطها من سراب
كفجر صباح غشاه الضباب …
كروح غادرت العالم علت القباب
تحاول أن تدنو من أذيال السحاب …
كأنها يا شهيد تود لو تناجيك بالعتاب …
لماذا تركتنا وأملنا يبحث عن نشيد ؟! …
يورق بورد الغدير ….
لماذا القلوب لم تعد تسمع النشيد ؟
قالوا : أن الماء خاصم لموتك الخرير
فغدت الأرواح نبراسها هياج الأعاصير
بعد أن كانت تذوب حبا برقة زهر العبير
ثم ماذا ؟! …
صرنا نبحث عن الأمل بين أنقاض النفوس …
–*–
سحائب العبرات تبكيك يا شهيد
فكأنما حدثتنا دماؤك :
لا تراعوا ….
انسجوا الأمل …
بريق حلم عذوبة الوطن …
برداء قلب ينشد الإيمان .
–*–
أرسل إليك يا شهيد في الختام
بريق عمري … ونشوة الأحلام
وأسائلك يا شهيد بمر الألحان
هل قد وصلتك الرسالة ؟!
أن كانت قد وصلتك …
فأعذرني للإطالة
ولك في الخاتمة …
حب وشوق وسلامة .

المرسل / خالد أبو سلمي

ردين على “رسالة إلي الفردوس .”

لكتابة رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *