الطب بالحروف .

طبيبى النابه
الكلمة التى تمنح صبرا وتضمد جرحا ينزف ألم الغربة ..
كنت لى ياحرفى سبب الرحمة …
التى ادفئتنى كغطاء من صقيع الجزع والوحدة الشرسة ..
 تفضلوا بالدخول إلي صيدلية الحرف :
الكلمة هى عزائى وتسريتى فى أوقات الضيق …
حين يهدر بقلبى إحساس الغربة كالألم الغادر خضماً مضطرباً …
 فالكلمة محاولة ذكية ذاتية تنبع من مكامن الروح لعلاج الكآبة …
وذلك باستخدام سن القلم فى أزالة ورم اليأس الخبيث من سويداء القلب …
 فالكلمة مبضع جراح ماهر حيث يقوم بزراعة أكياس التفاؤل
والإستبشار فى كبد الوقت ليقوم بعمله من جديد ..
فالحرف يتشكل فى تركيبة كيميائية تسمى ” أسلوباً ادبياً “…
 فى صيدلية الكلمة الطيبة كطريق للشفاء ، كما أن الكلمة أدوية مركبة من تراكيب الحروف لتصوغ عدة معانى حياتية غالية والتى تحتاجها الحياة كمضاد حيوى لتنشيط المعنويات …
 وأسنان الأقلام والمحابر مناظير جراحية تستأصل الهموم و تضخ بدلا منها جملة معانى قيمة …
 والحروف أعشاب طبية معنوية تفيد الصحة النفسية ، فالحرف ترياق شافى لسموم الأحزان ، تلك السموم النى تسرى فى عروق الوجدان وجسد الوقت ، والحروف منوعات فكرية ومطهرات نفسية فى الأزمات العاصفة ، العلاج بالحروف مؤسسة تتشكل من العلاج ابداعاً وقراءة …
أما فى قسم الابداع : فالكتابة حياة شيقة وهى تشبه تماما عملية التنفس ..
 يقول الكاتب الكبير مصطفى أمين رحمة الله : (أنا اعتبر الكتابة كالتنفس).
 حقاً فالأوراق هى رئتى ، والقلم قصبتى الهوائية والافكار هى أنفاسى …
يشرح الاديب الكبير المنفلوطى رحمة الله قيمة الحروف فى العلاج :
(لولا الحياة الشعرية التى يحياها الناس احيانا لسمج فى نظرهم وجه الحياة الحسية ومر مذاقها فى افواههم حتى ما يغتبط حى بنعمة العيش ، ولا يكره ميت طلعة الموت … ولا يستفيق الشاعر من هموم الدنيا واكدارها ومصائبها واحزانها الا اذا جلس الى مكتبه وامسك يراعه ، فطار به خياله بين الازهار والانوار ، وتنقل بين مسارح الافلاك ).
 ويقول د. مصطفى محمود : (بعض الامراض يشفيها الكلام … مثل امراض النفس وعذابات الوجدان وجراح القلوب وليس الكلام هنا النصائح والعظات والعبر والاراء السديدة لكنه كلام الانسان لنفسه .. افضاؤه ونجواه … واعترافه بما يؤرقة ، الافضاء .. مجرد الافضاء .. والافشاء والاعتراف ولو للورق .. فض مكنون القلب والتعبير عن مشاعره الحبيسة المخنوقة المذبوحة فى طيات الضلوع يشفى ويريح )..
 ويقرر نفس العلاج الاديب الراحل عبد الوهاب مطاوع رحمه الله ): (اشك همك لمن تستريح اليهم فان لم تجد فسجله على الورق او بالريشة … واهزم همومك باخراجها من مكانها الى الهواء الطلق وطهر قلبك من الكراهية والرغبة فى الانتقام ممن اساءوا اليك وعش حياتك باعتدال فلا تسرف فى التفكير فى المستقبل على حساب الحاضر ولا تتعامى عنه نهائيا )…
 يجب عليك عزيزى القارئ أن تستنشق من اريج المداد عبير الحياة النفسية …
فينتعش فؤادك وتزهر نفسك وتتحرك حركة صالحة فى الحياة …
نظر ( المأمون ) الخليفة العباسى العالم الى ابن صغير له بيده دفتر ، فقال : ما هذا بيدك ؟ ، قال الغلام اللبيب : بعض ما تسجل به الفطنه وينبه من الغفلة ويؤنس من الوحشة …
 فقال المأمون : (الحمد الله الذى رزقنى من ولدى من ينظر بعين عقله اكثر مما ينظر بعين جسمه وظنه )…
  ما أشد حاجتنا للحرف ينقذ الارواح ويضمد القلوب ويزرع المعانى الرائعة فى النفوس …
الكلمة تبني الانسان وتهدمه …
كذلك فهى مسئولية لا يتحملها الا الصادقين مع انفسهم والاخرين …
شكراً لك طبيبى …
ياحرفى شفاء نفسى …
وسعادة وقتى … وحق على الادباء ان ينشئوا مصحات للعلاج بالحروف .

                                                               خالد أبوسلمى

1 رد على “الطب بالحروف .”

  1. طعم الدواء

    مر هو طعم الدواء لكن عندما يكون العلاج بالكلمات فالمراره اكبر بسبب ضياع معانى الحروف فى زمن ارباع بل اثمان القيم

لكتابة رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *