هكذا علمتني الحياة :
مصطفى السباعي
الفصل السابع
- زر السجن مرة في العمر لتعرف فضل الله عليك في الحرية …
و زر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الأخلاق …
و زر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والمرض …
و زر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة …
و زر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل …
و زر ربَّك كل آن لتعرف فضله عليك في نعم الحياة . - العاقل من لم تطْغُ عاطفته على تفكيره ، و الحكيم من حفظ دروس الحياة ، و الفيلسوف من يحاول معرفة المجهول من المعلوم .
- جمال النفس يسعد صاحبها و من حولها ، و جمال الصورة يشقي صاحبها و من حولها .
- ما أروع هذا الدرس الذي تلقيه الطبيعة علينا و أنا أنظر إليها من نافذة غرفتي ، ها هي النسمات تميل الأشجار الخضراء باتجاه واحد حتى تكاد تتعانق ، ثم تعود لتتلاقى مرة أخرى ، كذلك الإنسان النابض بالحياة يتجاوب مع المجتمع النابض بالحياة .
- عش مع أهلك وسطاً بين الشدَّة و اللين …
و عش مع الناس وسطاً بين العزلة و الانقباض …
و عش مع إخوانك وسطاً بين الجد و الهزل …
و عش مع تلاميذك وسطاً بين الوقار و الانبساط …
و عش مع أولادك وسطاً بين القسوة و الرحمة …
و عش مع الحاكمين الصالحين وسطاً بين التردد و الانقطاع …
و عش مع بطنك وسطاً بين الشبع و الجوع …
و عش مع جسمك وسطاً بين التعب و الراحة …
و عش مع نفسك وسطاً بين المنع و العطاء …
و عش مع ربك وسطاً بين الخوف و الرجاء، تكن من السعداء . - لا تشته الزهد كيلا تبتلى بالرياء …
و لا تشته الجاه كيلا تبتلى بالكبرياء …
و لا تشته المرض كيلا تبتلى بالتبرُّم بالقضاء …
و لا تشته الصحة كيلا تبتلى بالعدوان على الضعفاء …
و لا تشته الفقر كيلا تبتلى بحسد الأغنياء …
و لا تشته الغنى كيلا تبتلى بظلم الفقراء …
و لكن سل الله دائماً ما هو خير لك عنده و أبقى، فإذا أقامك على حالة فقل : آمنت بالله ثم استقم . - بالمرض تعرف نعمة الصحة ، و بالصحة تنسى آفة المرض .
- لا تهمل العناية بصحتك مهما كانت وجهتك في الحياة ، فإن كنت عاملاً أمدتك بالقوة ، و إن كنت طالباً أعانتك على الدراسة ، و إن كنت عالماً ساعدتك على نشر المعرفة ، و إن كنت داعية دفعت عنك خطر الانقطاع ، و إن كنت عابداً حبَّبت إليك السهر في نجوى الحبيب …
نفسك مطيتك فارفق بها . - من عني بصحته في شبابه لم يدركه الهرم و لو عاش مائة عام .
- لا تلهينَّك العناية بصحتك عن أداء رسالتك . قليل من الوقت تعنى به في صحتك يوفر عليك كثيراً من الوقت في أداء رسالتك .
- كن معتدلاً في أكلك و معيشتك ، و فرحك و حزنك ، و عملك و راحتك ، و منعك وعطائك ، و حبك و بغضك ، لا تعرف المرض أبداً (و كذلك جعلناكم أمةً وسطاً) .
- لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأنفقت نصف أوقاتي في الراحة والخلوة .
(قليل دائم خير من كثير منقطع). - لا تستهن بنصيحة طبيبك اعتماداً على صحتك ، فقد يأتي يوم تفقد فيه صحتك و لا تجديك مشورة طبيبك .
- لا تؤجل تناول العلاج إلى انتهائك من العمل ، فقد تنقطع عن العمل و تفوت فرصة العلاج .
- أيها البخيل : نفقة الاعتناء بصحتك أقل من نفقة العلاج من مرضك.
- تفكير الصحيح أصح من تفكير المريض إلا أن يكون للمريض أنس بربِّه.
- إذا ضقت ذرعاً بمرضك ، فاذكر أن هنالك مرضى يتمنَّون ما أنت فيه لعظم ما أصابهم من الأمراض ، و بذلك تهدأ نفسك و ترضى عن ربك.
- من لم يمتنع باختياره عما يضرّه من لذة ، فسيضطر إلى ما يكره من دواء.
- حصيرة بالية تنام عليها و أنت صحيح ، خير من سرير ذهبي تلقى عليه و أنت مريض.
- تفاخرت الصحة والمرض يوما ً:
فقالت الصحة : بي ينشط الناس للعمل.
و قال المرض : و بي يقصر الناس طول الأمل .
قالت الصحة : بي يجتهد العابدون في العبادة .
قال المرض : و بي يخلصون في النية.
قالت الصحة : و من أجلي تشاد معاهد الطب.
قال المرض : و بي تتقدم بحوث الطب .
قالت الصحة : كل الناس يحبونني.
قال المرض : لولاي لما أحبوك هذا الحب. - ليلك نهار غيرك ، و ليل غيرك نهارك.
- بعض الناس تسمعهم فتتمنى صحبتهم و لو في النار ، فإذا خبرتهم كرهت صحبتهم و لو في الجنة .
- للنفس ساعات تنشط فيها للخير ، و ساعات تحرن فيها ، فإذا نشطت فأكثر ، و إذا حرنت فأقصر ، فإنك إن أكرهتها على الخير و هي لا تريده كانت كالدابة التي تركبها مرغمة ، لا تأمن أن تلقي بك و أنت حُطَمَة .
- لا تصاحب الأحمق بحال ، فإنك لا تستطيع التحامق معه ، و هو لا يستطيع التعاقل معك ، و الأول شرٌّ لك ، و الثاني خارج عن طبيعته.
- مصاحبة الأحمق كمصاحبة الأفعى ، لا تدري متى يؤذيك .
- بعض دعاة الدين يذكرون قوله تعالى : (و اغلظ عليهم) و هم لا يفهمون معناها ، و ينسون قوله تعالى : (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) و هي واضحة المعنى.
- من ابتلي بكثرة الكلام أصيب بالعيِّ في موطن يحسن الكلام فيه.
- ثلاثيات : احذر ثلاثاً في ثلاث عند ثلاث :
الزهو بعلمك عند المناقشة …
و الفخر بعملك عند الذين يعرفونك …
و التقصير في الخير عند سنوح فرصته . - المرأة طفل كبير يريد منك أن تعامله معاملة الكبار.
- المرأة غزال يظن أن قرونه تغني عنه غناء أنياب الأسد.
- إني لا أخشى على نفسي أن يغريني الشيطان بالمعصية مكاشفة ، و لكني أخشى أن يأتيني بها ملفعة بثوب من الطاعة.
- يغريك الشيطان بالمرأة عن طريق الرحمة بها …
و يغريك بالدنيا عن طريق الحيطة من تقلباتها …
و يغريك بمصاحبة الأشرار عن طريق الأمل في هدايتهم …
و يغريك بالنفاق للظالمين عن طريق الرغبة في توجيههم …
و يغريك بالتشهير بخصومك عن طريق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر …
و يغريك بتصديع وحدة الجماعة عن طريق الجهر بالحق …
و يغريك بترك إصلاح الناس عن طريق الاشتغال بإصلاح نفسك …
و يغريك بترك العمل عن طريق القضاء والقدر …
ويغريك بترك العلم عن طريق الانشغال بالعبادة …
ويغريك بترك الجهاد عن طريق حاجة الناس إليك …
و يغريك بترك السنَّة عن طريق اتباع الصالحين …
و يغريك بالاستبداد عن طريق المسؤولية أمام الله و التاريخ …
و يغريك بالظلم عن طريق الرحمة بالمظلومين. - بعض الغيورين على الدين يسيئون إليه بحمقهم و غرورهم أكثر مما يسيء إليه أعداؤه بخبثهم و مكرهم.
- لا تعط الشيطان فرصة التردد عليك ، بل احزم أمرك معه ، و أفهمه أنك لا تحب الخائنين.
- إذا خوفك الشيطان من الفقر ، فردَّه بالرزق المكتوب (و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
و إذا خوفك من الموت و القتل ، فرده بالأجل المكتوب (فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون ساعة و لا يستقدمون). - إذا أيأسك الشيطان من الجنة فتذكر مغفرة الله.
و إذا أيأسك من النجاة بتقصيرك فتذكر فضل الله.
و إذا أيأسك من الشفاء من مرضك فتذكر رحمة الله.
و إذا أيأسك من كشف محنتك فتذكر وعد الله. - أيها المثقلون بالهموم كل همومكم تزول إلا همًّا واحداً هو دينونة أنفسكم.
أيها المرهقون بالآلام! كل آلامكم تذهب إلا ألماً واحداً هو ألم ضمائركم. - بعض الناس يعالجون المشاكل بما يزيدها تعقيداً.
- السلبية المطلقة في معالجة المشكلات الاجتماعية التي لا مفر منها حمق و إنتحار.
- بعض الناس يحاولون إيقاف عجلة التطور بكلمة (لا) كالصبيان يحاولون عرقلة سير القطار بوضع الأحجار على قضيب السكة الحديدية.
- من شغله الاستعداد لغده عن العمل ليومه كان حكيماً أحمق.
- يقولون لي : أرح فكرك لتُشفى ، و معنى ذلك : ادفن نفسك لتسلم.
- قد تكون شدة الإحساس بلاءً أكبر من شدة الغفلة.
- التفكير في ذات الله كفر ، و في آياته إيمان.
- بين الخوف و الجرأة أن تخطو الخطوة الأولى.
- بين الاحتراس وسوء الظن أن الأول احتمال السوء ، و الثاني ترجيحه.
- بين صفاء القلب و الغفلة أن الأول ترجيح حسن الظن مع احتمال سوئه …
و الثاني عدم احتمال السوء مطلقاً. - بين المروءة و الدناءة : حبّ المكرمات.
- بين الكرامة و الكبر : أن الأول أن تنزل نفسك منزلتها …
و الثاني أن تنزل نفسك فوق منزلتها. - بين التواضع و الذلة : أن الأول أن تتنازل عن مكانة نفسك تخلقاً …
و الثاني أن ترضى باحتقار غيرك لك هواناً. - قد تغيب أبسط مبادئ المعالجة عن أذهان كبار الأطباء.
- خذ بالأسباب و ثق بأن نتائجها بيد الله وحده.
- الأذكياء تقوى عقولهم على حساب أرواحهم ، و الأغبياء تقوى أجسامهم على حساب عقولهم ، و الصالحون تقوى أرواحهم على حساب عقولهم ، و الصدِّيقون تقوى عقولهم و أرواحهم في آن واحد.