أراك عصي الدمع.

أراك عصـي الـدمـع شــيمتك الصـــبر………………………
………………………أمـــا لـلـهوى نــهـيٌ عـلـيـك و لا أمــرُ
بـلـى أنــا مشــــتاق وعــندي لـوعــةٌ………………………
………………………و لـكـن مــثـلـي لا يـــذاع لــــه ســـرُ
إذا اللـيل أضــوانـي بسـطت يد الهوى………………………
………………………و أذلـلــت دمــعـاً مـن خـلائـقه الــكبرُ
تــكـاد تـضـيء الــنـار بـيـن جــوانـحي………………………
………………………إذا هـي أذكــتـها الصــبـابـة و الـفـــكرُ
مـعـلـلـتي بـالـوصــل و الـمـوت دونـــه………………………
 ………………………إذا بـتُّ ظـــمآنـاً فـلا نــزل الـــقــــطـرُ
حـفـظـتُ و ضــيّـعتِ الـمـودّة بـيـنـــنـا………………………
………………………و أحـسن من بـعـض الوفـاءِ لـك الـغدْرُ
و مــا هـــذه الأيـــــــام إلا صــــحـائـف………………………
………………………لأحـرفــها مــن كـفَّ كــاتـِـبـهـا بـشْـــرُ
 بــدوت و أهـــلـي حــاضــرون لأنـنـي………………………
………………………أرى أن داراً لــســت مـن أهـلـها قـفـرُ
و حــاربـتُ قـومـي فـي هــواكِ وإِنـهم………………………
………………………إيــاي لـولا حـــبُّـك الـــمــاء و الـخــمـرُ
فـإن يـك مـا قـال الـوشـاة و لـم يــكن………………………
………………………فـقـد يـهــدم الإيـمــان مـا شـيد الكفرُ
وفـيــتُ و فـي بـعــض الـوفــاء مـذلــةٌ………………………
………………………لإنـسـانـةٍ بـالـحـي شــيـمـتـها الـغـدرُ
تسـائـلـني مـن أنـت و هـي عـلـيـمةٌ………………………
………………………و هل بـفـتىً مـثـلي عـلى حاله نُـكـْرُ
فـقـلـت لها : لو شـئـتِ لـم تـتـعـنَّـتي………………………
………………………لـم تـسألـي عـني و عـنـدك بـي خـبرُ
فـقـالـت : لـقد أزرى بك الـدهـر بعدنـا………………………
………………………فـقـلـت : مـعاذ الله بل أنـت لا الـدهـرُ
و مـا كـان لـلأحــزان لـولاك مســــلـكٌ………………………
………………………إلى الـقلـبِ لكنّ الـهـوى لبـِلى جسرُ
و تـهـتـك بـيـن الهزل و الـجـدّ مـهـجـةٌ………………………
………………………إذا مـا عـداهـا الـبـيـن عـذّبـها الـهـجـرُ
فـأيـقـنـتُ أن لا عـزّ بـعـدي لـعـاشــق………………………
………………………و أنّ يـدي مـمـا عـلــقتُ بـه صــــــفـرُ
و قـلـّـبـت أمـــري لا أرى لـي راحـــــةٌ………………………
………………………إذا الـبـيـن أنـسـانـي ألـحَّ بـي الـهـجرُ
فـعـدت لـحــكم الـزمــــان و حكــمـهـا………………………
………………………لها الـذنـب لا تـجـزى بـه و لي الـعـذرُ
فــلا تـنـكـريـنـي يـا ابـنـة الــعــمِّ إنــه………………………
………………………لـيـعرف مـن أنـكرتـه الـبــدو و الـحـضرُ
و لا تـنـكـريـنـي إنـنـي غـــيـر مُـنـــكَـرٍ………………………
………………………إذا زلَّـتِ الأقـــدام و اســتـنـزل الــذعرُ
و إنـــي لـــجــرّار لـــكـل كـــتـــيــبـــةٍ………………………
………………………مُــعــوّدةٍ أن لايــخــل بـــهـا الــنــــصـرُ
أُسرتُ و ما صـحبي بعُـزلٍ لدى الوغى………………………
………………………و لا فـرسـي مـــهـرٌ و لا ربـــه غِــمْـــرُ
و لـكن إذا حـكم الـقــضاء على امريءٍ………………………
………………………فـلـيـس لــــه بَـرٌّ يـقـيـــه و لا بـحـــــرُ
و قـال أصـيـحـابـي : الـفرارُ أو الـردى؟………………………
………………………فـقـلــت : هــما أمــران أحـلاهـما مُـرُّ
و لــكـنـني أمـــضـي لـمـا لايـعـيـبـني………………………
………………………و حـسـبك مـن أمــرين خيرهما الأسرُ
يـقـولـون لـي بـعـت السلامة بـالـردى………………………
………………………فـقـلـت : أمـا و الله مـا نـالـني خســرُ
هـو الـمـوت فـاخـتـر ما عـلا لـك ذكـره………………………
………………………فـلـم يـمــت الانسـان ما حـيَّ الــذكرُ
يـمـــنُّـون أن خـــلـوا ثــيابـي و إنـــمــا………………………
………………………عـلـىّ ثــيـابٌ مـن دمـــائـهـمـو حـمــرُ
و قـائـمُ سـيفٍ فـيـهـمـو انـدق نصـلُـه………………………
………………………و أعـقـاب رمــحٍ فـيه قـد حطّم الـصـدرُ
سـيذكرني قـومي إذا جـــدّ جـــدُّهــم………………………
………………………و فـي الـلـيلةِ الـظـماء يـفـتـقـد البــدرُ
و نـحــــن أُنـــاسٌ لا تـوسُّــــط بــيـنـنا………………………
………………………لـنـا الـصـدر دون الـعـالـمـين أو الـقـبـرُ
تـهـون عـلـيـنا فـي المعالي نـفـوسنـا………………………
………………………و من يـخطب الحسناء لم يغلها المهرُ
أعـزُّ بـني الـدنـيا و أعـلـى ذوي الــعلا………………………
………………………و أكـــرم مـن فــوق الــتـراب و لا فـخرُ
-=-
الشاعر :
الحارث بن سعيد بن حمدان
الشهير بأبي فراس الحمداني .
ولد بالموصل سنة 320 للهجرة  الموافق لسنة 932 للميلاد
قتله وصي الحكم فرغويه غلام سيف الدولة التركي بمعركةٍ
و كان ذلك في جمادى الأولى
 لعام 375 للهجرة الموافق سنة 968 للميلاد .

ردين على “أراك عصي الدمع.”

لكتابة رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *