في زمان ما …
مدينة كانت بلا اسم …
يقطنها بشر يختلفون شكلاً و يتفقون جوهراً …
كانت مدينة هادئة …
لا نزاع … لا حرس نظام … و لا محاكم …
كانوا يعيشون حياة رتيبة …
فالأمس مثل اليوم و سيكون الغد مثلهما …
و ذات يومٍ …
تفاجئوا بفتاة تسير بطرقات مدينتهم كما خلقها الله …
سرعان ما ذاع الخبر بكل أرجاء المدينة …
في لحظات كان سكان المدينة يحاصرون الفتاة …
و بدئوا بطرح الأسئلة عليها …
من أنتِ ؟… من أين ؟… كيف أتيتِ ؟…
و كانت الفتاة تبتسم … و تواصل بهدوء سيرها بينهم …
ماذا تريدين ؟ … لم تلتفت إليهم …
بل واصلت سيرها متجهة إلى أعلى مبنىً بالمدينة و دخلته …
و من سطحه أطلت عليهم …
كانت أصوات المجتمعين بالأسفل تهز أركان مدينتهم الصغيرة …
و ما أن فتحت فمها بالحديث … إلا و أنصت الجميع فضولاً …
بصوتٍ يكاد لا يُسمع قالت :
(أنا الحقيقة … أنا الحقيقة …
أنا الحقيقة و والدي هو الحق …
أتيت إليكم لأكشف بعضكم للآخر …
ليتبين … من منكم …الكاذب و الصادق …
السارق و الأمين … الخائن و الوفي …
الكريم و اللئيم … الـ … و …………
أنا … مرآتكم لبعضكم ) .
ازداد استغراب الناس من الفتاة …
تبادلوا النظرات … و تهامسوا …
بعضهم أعجب بجسمها المصقول اللامع …
بعضهم اشمأز من جسمها المشوه الخالع …
فجأة صرخ أحدهم :
لا يجب أن تبقى هذه الفتاة بيننا هكذا …
فإما أن ترتدي شيئاً أو لترحل عنا ؟ …
ساد صمت لم يدم طويلا …
صرخ آخر : لا … نريد أن نراها كما هي …
تعالت أصوات الجموع بين مؤيد و معارض …
و انقسمت المدينة إلى قسمين …
قسم يريدها أن ترتدي شيئاً … و قسم يريدها كما هي …
أما الحقيقة فقد نزلت من مكانها مخترقةً الجموع مرددةً :
( اتركوني عارية ، فأنا لا أخجل ) …
و أخذت تسير بشوارع المدينة و أزقتها و تدخل بيوتها بيتاً بيتاً …
مخلفةً وراءها سكان المدينة في ما بينهم يتعاركون …
و منذ ذلك اليوم …
أصبح في المدينة حزبين …
حزبٌ للخير و حزبٌ للشر …
و أصبحت المدينة تُسمى … مدينة الحياة .
الفيصل، ع س
رائعة
جداً رائعة كلماتك اخي
خيال واسع وحقيقة مرة