المتنبي يعيش الآن.
بين الكتب تسكنُ تفاصيلُ كلماتٍ لأشخاصٍ ...
غادروا وجه الأرض منذ قرون ...
حينها لم يكن الكتاب ذو قيمة ...
فالعقول كانت تستوعب الكلمة التي لا (يشوش) عليها ...
خبرٌ سيء في (تلفاز) ولا خوفٌ من زحام مرور...
ولا مشكلاتٍ إجتماعيةٍ تافهة ينظر لها البعض بأنها حرب عالمية جديدة ...
ولا معلوماتٍ تأتيك من كل حدبٍ و صوب ...
لتتراكم خلف بوابة العقل تنتظر الدخول لتزيدك جهلاً فوق جهل ...
كنت و مازلت أتسائل !؟...
لو أن المتنبي عاش هذا الزمن فهل سيقول شعراً كما قال ؟!..
لو أنه يأوي إلى فراشه مصحوباً بأرق الخوف ...
من التأخر صباحاً عن صلاته وعمله ...
ليستيقظ مسكوناً بالنعاس ...
وهاجس التأخر بسوط الوقت يلهب فكره ...
يؤدى صلاته على عجل ...
يرتدي ثيابه على عجل ...
و يتناول فطوره على عجل ...
"إنه دوران لعجلةِ صباحٍ يكون جميلاً فقط في يوم إجازة" ...
يمتطيء صهوة عربته ليغوص بها وسط الزحام بين مركباتٍ آلية ...
يقودها أشباهُ معاتيه.
يصل مكان عمله بعد أن تعب فكراً وبدناً ...
ليبدأ مهامه بشيء من عدم التركيز الذي فقده في الطريق ...
يقابل أشخاصاً يُدَّمون قلبه بتعاملهم اللا مسئول ...
ويشاهد تفاصيل جريمةٍ يومية لقتل الجمال في العلاقة ...
بين العبد وربه و بين الإنسان وقلبه ...
و الضحايا أشياء نسمع بها و نقرأ عنها يُقال لها :
أخلاق ، فضيلة ، إخلاص ، وفاء ، تضحية ، ... ، ....
يعود إلى منزله بذات الزحام وذات التعب ...
هل سيجد ملجأ للراحة ؟ .
كيف ؟ وعبر شاشتين (تلفاز + حاسب) ...
يُطل من خلالهما ليشاهد كل ما هو مؤلم و يقرأ كل ما هو محزن ...
يضيع يومه بين تشنجات قلق ...
خيالات أمل ...
والخوف مستقبلاً من المجهول ...
وهكذا ....
يعاودني السؤال :
ترى هل سيجد المتنبي في هذا الزمان ...
شيئاً من رؤى ...
وقليلاً من وقت ...
يدفعانهِ ليكتب قصيدةً خالدة ؟.
الفيصل ،
عدد القرائات:26224
ارسل لصديقك هذا الموضوع
يمكنك إضافة تعليق إذا أحببت ذلك
|